IMLebanon

لهذه الأسباب يتردّد صندوق النقد بتوقيع اتفاق إطار

 

 

بأي ثمن تريد الحكومة توقيع اتفاق المبادئ مع وفد صندوق النقد قبيل مغادرته لبنان، لكنها لن تفي بوعودها حول خطة التعافي وإقرار خطة الموازنة وغيرها من الشروط المفترض وضعها على سكة التنفيذ. بينما يستعد وزير الطاقة وليد فياض لزيارة مصر مجدداً للاستفسار عن وعد الكهرباء، وتستعد «ألفاريز» للعودة مجدداً بعد أن صُرفت مستحقات وفدها المالية لاستكمال التدقيق الجنائي. مجرد خطوات نتائجها غير مضمونة وهو ما يضع وفد صندوق النقد في موقف المحرج. يريد مساعدة لبنان لكن لبنان لا يساعد نفسه. وهذه هي الخلاصة التي يستخلصها من اجتمع مع وفد الصندوق بعيداً عن الإعلام وعن لقاءات المسؤولين.

 

يواجه صندوق النقد ضغوطاً هائلة من الحكومة لتأمين التوقيع على اتفاق إطار قبل مغادرته نهاية الأسبوع الجاري. تريد تحقيق هذا الإنجاز استباقاً للدخول في متاهة الانتخابات النيابية، لكن المشكلة أن الجمل في نية والجمال في نية. فصندوق النقد الذي سمع وفده الرسمي من المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم خلال زيارته الماضية وعوداً عدة يفترض أن توضع على سكة التنفيذ أقله من ناحية التشريعات اللازمة لم ينل مبتغاه. في المرة الماضية سمع تعهداً من الحكومة للقيام بسلسلة خطوات عملية تمهيداً لمساعدته على مواجهة أزمته المالية وهي إقرار مشروع قانون الكابيتال كونترول، ووضع خطة التعافي الاقتصادي، وإقرار مشروع الموازنة العامة، وتعديل قانون السرية المصرفية، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي. لكنّ أيّاً من هذه الخطوات – الشروط لم يترجم إلى واقع بحيث إن الحكومة لم تلتزم وعودها رغم استعجال رئيسها خطوة ما ايجابية على أبواب الانتخابات النيابية. وجاء نائبه سعادة الشامي ليزيد الطين بلة بما قاله عن الدولة المفلسة والمصرف المركزي المفلس وهو وإن كان يقول الوقائع كما هي لكن كلامه زاد الأوضاع تعقيداً وشدّ الخناق على لبنان المتعطش لتدفّق الأموال إليه لإنعاشه.

 

وعلى أبواب عودة وفد «ألفاريز» لاستئناف عمله في التدقيق الجنائي ينفي من التقى وفد صندوق النقد أن يكون التدقيق الجنائي شرطاً من شروطه أو أنه يتدخل في تحديد مصير حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ويعتبر أن هذه أمور سيادية لا علاقة له بها، كما ينفي أي علاقة للصندوق بمشروع الكابيتال كونترول الذي أقرته الحكومة وهو ما يقول المسؤولون عكسه تماماً.

 

بناء على الزيارة الماضية فوجئ وفد الصندوق بعدم الالتزام بالإصلاحات اللازمة ما ضاعف خشيته من تبخر الوعود الجديدة خاصة أن البلاد مقبلة على فترة انتخابات نيابية. يكتشف هؤلاء وجود هوة بين ما تدّعيه الحكومة والمسؤولون وحقيقة ما يقوله وينوي فعله صندوق النقد «الذي يبدي جدية واهتماماً بمساعدة لبنان لكنه لا يلمس جدية لبنانية مماثلة بالمقابل». المطلعون على تفاصيل زيارة وفد الصندوق يجزمون بصدق نوايا الصندوق وأنهم زاروا لبنان على أمل أن تكون الإصلاحات وضعت على سكّتها المفترضة ليتم توقيع اتفاق مبدئي مع الحكومة لكن ترجمة الإصلاحات من خلال القوانين اللازمة غير واضحة بعد لذا فلم يحسم الوفد ما إذا كان سيوقع اتفاق المبادئ هذا الأسبوع او يستمهل وقتاً إضافياً ريثما تنتقل الدولة من مرحلة إبداء الاستعداد وحسن النوايا إلى مرحلة التنفيذ. القرار النهائي لم يحسم بعد أمام إصرار المسؤولين على التوقيع كخطوة أولى تعتبرها الحكومة ضرورية في مشوار الألف ميل الإصلاحي. لكن مصادر سياسية متابعة تستبعد التوصل لأي اتفاق أو خطوة قريبة بالنظر إلى التعقيدات الموجودة ملقية بالملامة على الحكومة التي تتحمل قسطاً من المسؤولية لتخلّفها عن السير جدياً بإعداد خطة التعافي التي لم تظهر إلى العلن رغم مرور شهور عدة، بالمقابل تستغرب طلب الحكومة من مصرف لبنان قرضاً بقيمة 200 مليون دولار بينما يعترف نائب رئيسها بإفلاس مصرف لبنان وهي تعرف أن مثل هذا الطلب مخالف للقانون لأنه لا يدخل في صلب مهام الحكومة ويلزمه إجازة تشريعية.

 

مجمل الموضوع المالي وخطة التعافي وضمناً المفاوضات مع صندوق النقد كلها أمور مؤجلة على ما يبدو إلى ما بعد الانتخابات النيابية. يعرف صندوق النقد أن البلد مقبل على انتخابات، وأن المتبقي من عمر العهد أشهر عدة ولذا يريد تعهداً من المسؤولين والتزاماً لا عودة عنه بتنفيذ الشروط المطلوبة وإلّا لن يجد له مصلحة بإبرام أي اتفاق مع الحكومة، بالمقابل تريد الحكومة الاتفاق مع صندوق النقد بأي ثمن كان لتحقيق خطوة ما قبل أن تتحول فعلياً إلى حكومة انتخابات لكن ما تشي به المفاوضات الحكومية مع صندوق النقد مربك للغاية ويظهر شعبوية المسؤولين في التعاطي بعيداً عن الواقعية المطلوبة، ولذا ليس مستبعداً وفي حال التوقيع على اتفاق إطار اليوم حول العناوين العريضة ألّا يتم الالتزام به فيكون عبارة عن اتفاق على مستوى موظفين وليس على مستوى مجلس إدارة الصندوق.

 

نقطة أخرى تثير المخاوف وهي الحديث عن إعادة إنعاش سيدر والتي لن تكون إلا بناء على تطمينات جديدة يفترض أن يقدمها لبنان في قطاعات الكهرباء التي لن تصل إلى لبنان من مصر عبر الأردن وسوريا، وهناك زيارة قريبة من وزير الطاقة إلى مصر للاطلاع على العقبات التي تعترض تنفيذ المتفق عليه حتى اليوم. الإرجاء سيكون سيد الموقف وسط حماوة الانتخابات ولذا لن نرى خطوات جدية على مستوى ترسيم الحدود أو الكهرباء او الموازنة فيما مصير حاكم مصرف لبنان رياض سلامة سيبقى معلقا.