ليست الحدود الشمالية لإسرائيل هي قبلة المحور الإيراني وأذرعه بقيادة «حزب الله»، وليس الهدف من إنتشار مرتزقة هذا المحور في الجنوب السوري تحرير الجولان بداية، ومن ثم تحرير القدس في نهاية المطاف.
يبدو أن العدو الصهيوني يعرف ذلك، لذا لم يبادر إلى فتح جبهة لحماية حدوده هذه على الرغم من تواجد الميليشيات «الممانعة» هناك، ولذا اقتصرت غاراته هناك على استهداف محدود لمخازن وقوافل أسلحة تفوق ما هو مطلوب من هذا الإنتشار.
والمطلوب لا يزعج إسرائيل، لأنه وببساطة يفيد مشروعها بإضعاف العرب إينما كانوا. فكيف إذا كان يتعلق بترويض الرافضين في درعا والسويداء للنظام الأسدي وتبعاته، ومن ضمنها التواطؤ مع المحتل الصهيوني للجولان.
وعدّة الترويض لا تقتصر على الأعمال العسكرية. فهي تتجاوز القصف والغارات والبراميل المتفجرة ودكّ البلدات والقرى على أصحابها والإعتقالات والقمع ونكص الإتفاقات.. وتضيف إلى القائمة السلاح الذي لم يعد سرّياً، والذياستخدم منذ بداية الثورة، وهو المخدرات… وتحديداً حبوب الكبتاغون التي غزت الشباب السوري، وبمباركة من النظام.
ويذكر ناشطون من المنطقتين المستهدفين أن «انتشار مادة المخدرات محلياً في درعا والسويداء بات شبه علني في المنطقة».
كذلك يعرف الأردن أن تسخين الجبهة مع إسرائيل إنطلاقاً من الحدود الجنوبية السورية ليس وارداً. بالتالي فإن سيطرة ميليشيات «الممانعة» وعصاباتها على المناطق الحدودية لها أهدافها المرتبطة بالمقاومة الشاملة والعميقة والقاضية باستباحة الحدود إينما يمكن، وبالأخص عندما يتعلق الأمر باستهداف الأعداء الذين يشكلون عقبة أمام توسع النفوذ الإيراني… وكما هي الطائرات المسيّرة، كذلك الكبتاغون المتسلل عبر الخواصر الرخوة، ليؤدي وظيفته كعنصر فعال من عناصر الجهاد في سبيل الولي الفقيه. فهو يؤمِّن الـ»fresh Dollars»، كما يضعف البنية المجتمعية للعدو من خلال إستهداف شبابه ومراهقيه.
كله محسوب ومدروس لتأمين الخطط البديلة ومواجهة بعض العراقيل الفولكلورية المتوقعة، كالتدقيق الموسمي الحاصل عند المعابر الجوية والبحرية اللبنانية، مع محاولة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بذل جهود تؤكد لدول الخليج جديتها في وقف تصدير الكبتاغون إليها كبادرة تعاون وحسن نية، بعد سحب السفراء وتبني خريطة طريق لعودة لبنان إلى الشرعيتين العربية والدولية.
لذا كانت عمليات التهريب المكثفة على الحدود السورية الجنوبية هي إحدى البدائل.
هذا ما بيّنته العمليات النوعية للقوات المسلحة الأردنية، والتي أسفرت عن إحباط عدة عمليات تسلل وتهريب كميات من المخدرات، للمهربين الذين «تساندهم مجموعات أخرى»، مع فرار بقية أفراد المهربين والمجموعات إلى العمق السوري.
وهذا ما أشارت إليه التسريبات الإعلامية التي تتحدث عن «ميليشيات إيرانية مدعومة من «حزب الله» تنظم عمليات تهريب المخدرات الى الأردن للعبور إلى دول مجاورة أيضاً».
ومن المتوقع أن تبتلع هذه الميليشيات والعصابات الضربة التي وجهتها إليها القوات الأردنية، وتصنف القتلى المعلن عنهم شهداء إرتقوا ويستحقون التبريك والتهنئة..
المهم، المثابرة على الخواصر الحدودية الرخوة سواء مع الأردن أو في لبنان، والمهم تأمين أصناف من السلع الغذائية المناسبة لاحتضان ملايين حبوب الكبتاغون المهاجرة.
وشعار المرحلة مع إشتداد الحصار المغرض للقضاء على المقاومة بذراعها اللبناني، هو غزو كبتاغوني لكل الخواصر الرخوة، وتحديداً في دول أفريقية للحزب فيها باع طويل من النفوذ عبر من جنّدهم هناك، ومنها إلى الأهداف الإستراتيجية المعروفة في الخليج!
ولن تتوقف إيران وميليشياتها وعصاباتها حيال وفرة الأدلة التي تدينها. على العكس، فهي ستتصرف وكأنها ملاك أفلاطوني نزل إلى الأرض مرغماً من عالم المُثُل، أو كأنها مستهدفة بالإشاعات المغرضة من الشيطان الأكبر الذي يريد حماية إسرائيل، أو الشيطان الأصغر الذي يرعى الإرهاب.