أفكار أميركيّة – أوروبيّة لتفاهمات أمنيّة وضمانات دولية تحت سقف القرار ١٧٠١
كثر في الايام الماضية تسريب سيناريوهات عديدة بشأن حلول وتفاهمات لمعالجة الوضع المتفجر على جبهة لبنان مع العدو الاسرائيلي، لا سيما في ظل حركة الموفدين والمسؤولين الاميركيين والاوروبيين باتجاه لبنان و”اسرائيل” . وكان آخر سيناريو ما نشره موقع “اكسيوس” الاميركي منذ يومين من نقاط عديدة لتفاهم تتبناه الولايات المتحدة الاميركية و٤ دول اوروبية هي: فرنسا، بريطانيا، المانيا، وايطاليا .
ويتضمن هذا السيناريو: “وقف المناوشات بين حزب الله و”الجيش الاسرائيلي”، تراجع مقاتلي حزب الله عن الحدود لمسافة تتراوح بين ٨ و ١٠ كيلومترات، انتشار قوة من الجيش اللبناني قوامها بين ١٠ و ١٢ الف جندي على طول الحدود الجنوبية، وقف تحليق الطيران الحربي “الاسرائيلي” فوق لبنان، وسحب معظم قوات الاحتياط “للجيش الاسرائيلي” التي حشدها في الاشهر الاربعة الاخيرة على الحدود مع لبنان وبعض القوات الاخرى” .
وتحدث الموقع عن انجاز واعلان هذا التفاهم من قبل واشنطن والدول الاربعة خلال الاسابيع المقبلة دون توقيعه، مشيرا الى انه مستوحى من تفاهم عام ١٩٩٦. ويوحي الموقع الاميركي بان هذا السيناريو يعكس اجواء المباحثات التي اجراها الموفد الاميركي آموس هوكشتاين يوم الاحد الماضي مع رئيس حكومة العدو نتنياهو ووزير دفاعه، لكن اي مصدر رسمي اميركي او اوروبي اكد او نفى هذه المعلومات .
وفي شأن متصل بهذا الموضوع، يقول مصدر لبناني مسؤول ان احدا لم يبحث مع المسؤولين اللبنانيين في مثل هذا السيناريو وتفاصيله، لكن الموفدين والمسؤولين الاوروبيين تحدثوا في اطار تنفيذ القرار ١٧٠١ عن دور افعل واوسع للجيش اللبناني على طول الحدود، وعن اعادة الهدوء الى الحدود الجنوبية، وتجنبوا الدخول في التفاصيل المتعلقة بكيفية ابتعاد مقاتلي حزب الله عن الحدود، وعن سبل التعاطي مع هذه النقطة .
وكشف المصدر عن حديث الموفدين الاميركيين والاوروبيين عن التعامل مع المستجدات اليوم على الحدود الجنوبية للبنان في سياق تنفيذ القرار ١٧٠١، بطريقة تختلف عما كان يحصل قبل اندلاع حرب غزة والمواجهات بين حزب الله و”الجيش الاسرائيلي”، مؤكدين في الوقت نفسه ان هذا الامر لا يحتاج الى تعديل القرار المذكور او التوصل الى قرار جديد، بقدر ما يحتاج الى تفاهمات امنية بضمانات دولية، لا سيما من الادارة الاميركية بالتعاون مع دول اوروبية مؤثرة تملك مشاركة قوية في قوات “اليونيفيل” مثل فرنسا وايطاليا. كما يفترض اعادة تفعيل لجنة الهدنة الثلاثية التي تضم مسؤولين في الامم المتحدة وعسكريين لبنانيين و”إسرائيليين”، والتي توقف عملها بعد حائجة كورونا .
ويتلاقى كلام المصدر مع ما قالته المنسقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان فرونتسكا امام لجنة الشؤون الخارجية النيابية امس خلال مناقشة القرار ١٧٠١ وسبل تطبيقه، لا سيما عندما المحت الى ان الواقع الجديد الذي فرضته حرب غزة والمواجهات بين حزب الله و”الجيش الاسرائيلي” على الحدود الجنوبية، يحتاج الى “وضع جديد ابعد مما كان قائما منذ العام ٢٠٠٦ وحتى اندلاع القتال بين حزب الله والجيش الاسرائيلي”.
وحرصت المسؤولة الدولية على ان التعاطي بوضع جديد لا يعني تعديل القرار ١٧٠١ او الخروج منه، لكنها ركزت في الوقت نفسه على تفعيل دور الجيش اللبناني على الحدود، مع عودة تفعيل اللجنة الثلاثية المجمد عملها من فترة غير قصيرة . وتناول الحديث باسهاب قضية مزارع شبعا والخرائط الموجودة لدى الامم المتحدة منذ العام ٢٠٠٠ وما بعده. كما تناول موضوع تثبيت الحدود واالنقاط اللبنانية الـ١٣ التي هي موضع خلاف مع العدو الاسرائيلي، فاكدت فرونتسكا ان هناك ٧ نقاط محلولة حتى الآن، وهناك ٦ نقاط تحتاج للمعالجة والتثبيت. وفهم اعضاء اللجنة ان هناك توجها مطروحا لكي توضع مزارع شبعا في عهدة دولية او تحت وصاية دولية مؤقتة ، بانتظار حسم وحل هذه القضية بشكل نهائي .
وحسب المعلومات، فان مثل هذه الافكار قد طرحت بطريقة او باخرى بشكل غير رسمي مع الجانب اللبناني، لكن البحث الجدي حوله لم يحصل وهو مؤجل الى حين وقف النار في غزة . من هنا، فان هوكشتاين بعد زيارته يوم الاحد الماضي للكيان “الاسرائيلي” لم ينتقل الى لبنان، لادراكه مسبقا ان الافكار التي تناولها مع حكومة العدو لم يحن الوقت لبحثها مع الحكومة اللبنانية، قبل وقف النار او تطبيق الهدنة الطويلة في غزة على طريق تكريس وقف العدوان الاسرائيلي على القطاع .
ووفقا لمعلومات عن مصادر ديبلوماسية، فان المسؤولين “الاسرائيليين” وعلى رأسهم نتنياهو تكلموا مع هوكشتاين بلهجة تختلف عن اللهجة التي يستخدمونها في التهويل والتهديد تجاه لبنان وحزب الله . وكان هاجسهم الاول اعادة الهدوء والاستقرار للمنطقة الشمالية، وتأمين وضمان عودة المستوطنين الى المستوطنات الشمالية، ولم يركزوا معه على التهديد بعملية عسكرية واسعة ضد لبنان كما يفعلون مع المسؤولين الاوروبيين، ربما لانهم يدركون ان الموفد الاميركي “يعرف البير وغطاه”.
ما هو موقف حزب الله من كل ما يجري ومن السيناريوهات التي تسرب وتنشر؟ يقول مصدر مطلع ان الحزب يؤكد انه غير معني في التعليق او التعامل في ما يسرب وينشر من سيناريوهات، وهو لا ولن يبد رأيه بها او يقبل باي بحث في هذا الشأن قبل وقف العدوان الاسرائيلي على غزة ، كما عبر الامين العام السيد حسن نصرالله .
ويلفت المصدر الى ان اوساط قيادة حزب الله تتكلم بثقة كبيرة وواضحة تجاه التطورات منذ اندلاع حرب غزة والمواجهات على جبهة الجنوب، وتعتبر اننا اليوم في مخاض اللحظات الاخيرة، فالمقاومة في لبنان وغزة وجبهات المساندة في اليمن والعراق وسوريا استطاعت فرض معادلة ردع وحماية مهمة، من هنا التركيز الواضح ينصب على الجهد باتجاه محور المقاومة الذي فرض ايقاعه بقوة على التطورات في المنطقة.
وبرأي المصدر ان الولايات المتحدة بعد حرب غزة اصيبت بخيبة امل من اعتمادها على “إسرائيل” كقوة فاعلة تكمل الدور ومصالح واشنطن في المنطقة، وان كل استثمار على دورها وموقعها لم يكن في محله، لكن هذا لا يعني التخلي عن دعمها ومساندتها . وقد بدأت واشنطن تدرك جيدا انها بحاجة لمعادلة جديدة في المنطقة، وتدرك ايضا ان المفاتيح الاساسية في المنطقة باتت مع محور المقاومة كاساس لاي تسوية محتملة او ممكنة في هذه المنطقة.