IMLebanon

تطبيق الطائف قبل التهويل بالتعديل

يكثر الحديث عن حقوق المسيحيين انطلاقا من حقائق، او وقائع مبالغ فيها احيانا، او من باب المزايدة السياسية التي يدفع بها اناس ساهموا غالبا في ضياع هذه الحقوق، عبر الاقتتال الداخلي، او عبر مسايرة الوصاية السورية التي دفعت الى مرسوم تجنيس بدّل كل المعادلات والتوازنات الطائفية، فغيّرت وجه لبنان، ومن أناس آخرين اعترضوا على اتفاق الطائف ثم ارتضوه، ومن اناس يتبنّونه لتخويف الآخرين به من دون ان يكونوا مستعدين فعلاً للمضي في بنوده الاصلاحية، ما عدا التهويل بالغاء الطائفية السياسية وجعل لبنان دائرة انتخابية واحدة، علماً ان النقطة الاخيرة مخالفة تماما للطائف الذي نص على المحافظة دائرة انتخابية بعد اعادة النظر في المحافظات الحالية.

قراءة في اتفاق الطائف بعد 25 سنة عليه، حصلت على مستويات عدة منذ العام الماضي. لكن الاهم منها والانفع للبلد هو تنفيذ بنود الاتفاق، ثم تقويم حسناته وسيئاته بعد التطبيق، قبل طرح اي اقتراح تعديل، او مؤتمر تأسيسي يلوح به البعض منطلقا من منطق الاستقواء ومحاولة الضغط على الآخرين وتخويف المسيحيين بالمثالثة، وغيرها من الافكار الهدامة لمستقبل البلد. ويتبنى آخرون فكرة المؤتمر التأسيسي في محاولة لاحداث انقلاب على الواقع الذي لا يخدم مصالحهم الآنية، ولا يهدفون الى اصلاح او تغيير، انما الى الحصول على مواقع متقدمة في الدولة.

لقد حصل تلاعب في اتفاق الطائف منذ توقيعه من سلطة الوصاية السورية التي ارادت الامساك بلبنان ورفضت امكان اصلاح النظام او اعتماد قانون انتخاب جديد لا يحمل ازلامها الى السلطة، فزادت عدد النواب من 108 الى 128 ووزعت المقاعد وفق ارادة الحاكم في عنجر، ومصالح ازلامها المستمر بعضهم في ساحة النجمة الى اليوم بعدما تبدّل وتلوّن وفق المستجدات والتطورات السياسية.

واذا كان المسيحيون يشكون اتفاق الطائف، وضعف صلاحيات الرئيس الماروني بعد الطائف، فإن الرئيس حسين الحسيني يرد ذلك الى سوء التطبيق والى سلسلة الضربات التي تلقاها بعد عام 1990، وهي: الأولى تمثلت في المقاطعة المسيحية لانتخابات 1992 التي أفقدت الإنتخابات ميثاقيتها وأبعدت المسيحيين عن المشاركة في الدولة.

والضربة الثانية تمثلت في قرار مجلس الامن 1559 عام 2004 الذي شمل بنوداً عدة لم ترد في الطائف. وتمثلت الثالثة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري وما أدى إليه من اصطفاف مذهبي ونشوء الإنقسامات العمودية. والضربة الرابعة كانت الحلف الرباعي بين القوى المسلمة الرئيسية في انتخابات 2005 واستبعاد المسيحيين الذين ظهروا كأنهم ليسوا شركاء في الوطن والنظام. أما الضربة الخامسة فتمثلت في اتفاق الدوحة الذي كبّل رئيس الجمهورية من البداية عبر منحه 3 وزراء في الحكومة، وهو ما يخالف مضمون اتفاق الطائف الذي جعل رئيس الجمهورية بحكم موقعه الدستوري مسؤولاً عن تشكيل حكومات متوازنة وطنياً.