لا شك في أنّ زيارة الرئيس الصيني تشي جين بينغ الى كل من مصر والمملكة العربية السعودية لها طابع اقتصادي مهم جداً وسوف يكون لها ارتدادات اقتصادية كبيرة على مستقبل المنطقة العربية.
ولا بد من أن نعلم جيداً أنّ الصين ليس لها أهداف سياسية وأنّ همّها الوحيد هو اقتصادي مئة في المئة ومن هنا اختارت الصين مصر لأنّ لمصر أهمية إقتصادية كبرى خصوصاً بعد بناء قناة السويس الثانية خلال مهلة زمنية قصيرة جداً وقبل الوقت المحدد.
وهذا يسجل للرئيس عبدالفتاح السيسي وللمؤسسة العسكرية كأكبر إنجاز في تاريخ مصر الحديث.
نعود الى أنّ المنطقة الاقتصادية الجديدة حول قناة السويس الثانية توفر فرصاً كبيرة للدول الصناعية لكي تستفيد من هذه الفرصة إذ انها تحصل على مساحات كبيرة ويد عاملة مصرية رخيصة وسوق استهلاكي من 100 مليون مصري وليس لمصر فقط بل الى العالم العربي من ناحية وإلى أفريقيا التي هي منبع المواد الاولية أي الخام في العالم من ناحية ثانية.
وهكذا تكون الصناعة المقبلة في مصر على موعد مع مستقبل كبير جداً… وهنا لا بد من أن نذكر منطقة «جبل علي» في مدينة دبي كيف كانت في نشأتها وأين أصبحت اليوم ومدى أهميتها لاستقطاب الشركات الكبرى في العالم التي أنشأت مصانع كبرى لها في دبي.
والجدير ذكره أنّ مصر مؤهلة صناعياً لكي تكون من أهم الدول الصناعية في العالم بسبب اليد العاملة المتوافرة والأسواق الواعدة في بلد عدد سكانه مئة مليون نسمة، إضافة الى موقعها الاستراتيجي بالنسبة للعالم العربي وبالنسبة لأفريقيا أيضاً.
وتطمح الصين الى أن تزيد وتفعّل صادراتها سواء المكتملة التصنيع أم المواد الأولية التي يُعاد تصنيعها أم القطع التي يُعمل على تركيبها… وهنا تبدو مصر الأفضل لهذه المجالات كافة خصوصاً وأنّ اليد العاملة المصرية متوافرة بأسعار متهاودة جداً في مجال التصنيع وإعادة التركيب، في وقت تغزو الصين العالم في المجالات الإنتاجية كافة تقريباً.
ونعود الى إلقاء الضوء على أهمية زيارة الرئيس الصيني الى المملكة العربية السعودية والإهتمام الذي أولاه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز خصوصاً أنّ العلاقات بين البلدين ذات تاريخ أبيض إذ أنّه أيام المغفور له الملك فهد بن عبدالعزيز تمّت صفقة صواريخ صينية لحماية أجواء المملكة في وقت رفضت أميركا تزويد المملكة بالصواريخ إكراماً لإسرائيل فما كان من الأمير بندر بن سلطان الذي أبرم الصفقة مع الصينيين الا أن طلب من خادم الحرمين المغفور له الملك فهد بن عبدالعزيز أن يطرد السفير الأميركي في المملكة وهكذا حصل حيث اضطر الرئيس الاميركي في ذلك الوقت رونالد ريغان للإعتذار من الملك فهد لتعود العلاقات الى سابق عهدها بين الرياض وواشنطن.
نعود الى الزيارة التي يقوم بها الرئيس الصيني الى البلد الثالث أي إيران التي تنظر إليها الصين بأنها ستصبح بعد رفع العقوبات بلداً مهماً إقتصادياً لأسباب عدة: أولاً – عدد سكانها 70 مليوناً وموضوع النفط وسوق أعمال واستهلاك مهم للصين التي تريد أن تستفيد من هذا السوق الجديد خصوصاً أنها كانت في عداد الـ(5+1) التي أمضت 10 سنوات لحل موضوع النووي الايراني وجاء الوقت لتقبض ثمن الوقت الذي أمضته للإسهام في حل هذا الملف.
ومن المهم معرفة أنّ السياسة الصينية تركز في العلاقات مع الخارج على الاقتصاد حيث أنها تضع في أولوياتها الموضوع الاقتصادي… وبتبسيط اكثر انه يوجد عندها بضائع تريد أسواقاً لتصريفها، وعندها سلاح تريد تصديره، وهي بحاجة الى نفط من الدول المنتجة والأهم لها هي المملكة العربية السعودية.
كذلك فإنّ الصين منذ ثماني أو تسع سنوات وصل معدل النمو فيها الى 15.5 وهو أعلى نمو في العالم واليوم هو بين 7 و8% وهو أيضاً مستوى عالمي مرتفع.