IMLebanon

نقاط الخلاف المهمّة بين قوى 8 و14 آذار هل يذلّلها الحوار أم يعود صراع المحاور؟

السؤال الذي يثير اهتمام الناس ولا جواب عنه حتى الآن هو: ما الذي يمكن أن يسفر عنه الحوار السني – الشيعي والحوار المسيحي – المسيحي إذا لم يكن أول ما ينتج عنه اتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية، لأن بانتخابه تنطلق مسيرة العبور إلى الدولة، وأي انعكاسات سلبية على الأوضاع العامة في البلاد إذا انتهت الحوارات، لا سمح الله، الى الفشل وعاد كل محاور إلى محوره؟

إن التصريحات المتبادلة بين المتحاورين تبشر كلها بالخير وتبعث على الأمل. فرئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد يقول “إن جلسات الحوار التي حصلت حتى الآن تبشر بخير وتسير بجدية، ونحن نشجع على مواصلتها وعلى حوار يحصل بين فريقين أو أكثر، أو على حوار وطني واسع من أجل أن يوحد اللبنانيّون رؤيتهم تجاه القضايا الشائكة، والوصول إلى معطيات تسهّل انتخاب رئيس للجمهورية”. والنائب ابرهيم كنعان يؤكد من جهته “ان التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية اقتربا من انهاء ورقة العمل التي تتناول الملفات الوطنية السيادية وتداعيات الأزمة السورية وأزمات المنطقة، والحضور المسيحي وآليات تصحيح الخلل والإنماء المتوازن والدور المسيحي والموقع في النظام”. ويرى النائب “القواتي” جورج عدوان ان “هناك مواضيع نختلف عليها مع حزب الكتائب ومع التيار الوطني الحر، لكنها لا تؤدي الى حد الخصومة أو التشنج، ونحن نسعى الى ان ترتقي العلاقات مع التيار الوطني وبين الاحزاب، فالخلافات كانت كبيرة بين المكونات اللبنانية وتتعلق بحزب الله وتدخله في سوريا، لكن هذا لا يمنعنا من ان ننتقل الى علاقات طبيعية”.

لقد رحبت الاوساط السياسية والشعبية والامنية والاقتصادية بالحوار لان من شأنه أن يساهم في التخفيف من حدة الاحتقان المذهبي وفي التصدي للأخطار المحدقة بلبنان، سواء من العدو الاسرائيلي او من الجماعات الارهابية. لكن هذه الاوساط، ولا سيما منها الهيئات الاقتصادية، رحبت بخطوات ضبط الامن وأجمعت على المطالبة بانتخاب رئيس للجمهورية توصلا الى اعادة الحياة الى المؤسسات الدستورية، اذ ان التمادي في تفريغ المنصب الأول في البلاد وتهميشه سوف يزيد التداعيات السلبية المؤثرة على مناخ الاستثمار العام ويضغط أكثر فأكثر على الاقتصاد الذي يمر بظروف صعبة ودقيقة جدا.

واذا كان الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية مرتبطا بنتائج الحوارات الجارية، فمتى تظهر هذه النتائج ويكون الاتفاق عليها كافيا لإجراء هذا الانتخاب، وما هي نقاط الخلاف التي صار اتفاق عليها، وما هي النقاط التي ظل الخلاف قائما في شأنها، واي علاقة بين الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية والتوصل الى اتفاق على كل النقاط التي تسهل اجراء هذا الانتخاب؟

إن بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” نقاط خلاف كثيرة ومهمة باعدت بينهما وبلغت حد الخصومة الحادة، ما جعل “القوات” تأخذ مكانها في قوى 14 آذار و”التيار” يتحالف مع “حزب الله” ويلتقي وقوى 8 آذار في كثير من المواقف. والخلاف بين قوى 8 و14 آذار هو حول امور كثيرة وجوهرية، فقوى 8 آذار هي مع النظام السوري، في حين أن قوى 14 آذار هي ضد هذا النظام. وقوى 8 آذار هي مع تدخل “حزب الله” عسكريا في الحرب السورية، في حين ان قوى 14 آذار ضد هذا التدخل وتؤيد سياسة النأي بالنفس تطبيقاً لـ”اعلان بعبدا” خصوصا بعدما ثبت ان لا شيء يحمي لبنان من تداعيات ما يجري حوله سوى الحياد والابتعاد عن صراعات المحاور. وقوى 8 آذار هي مع الإبقاء على سلاح “حزب الله” ما دام السلام الشامل مع اسرائيل لم يتحقق لا مع لبنان ولا مع كل العرب والفلسطينيين، وانه “لا بد من بقاء هذا السلاح كقوة دعم ومساندة للجيش وقوى الامن الداخلي”، في حين ان قوى 14 آذار تريد في حال الابقاء على هذا السلاح ان يتم ضبط استخدامه من خلال الاتفاق على استراتيجية دفاعية كان قد اقترحها الرئيس السابق ميشال سليمان وتهرّب “حزب الله” من مناقشتها تمهيداً للموافقة عليها ولكي يظل حراً في استخدام سلاحه في الزمان والمكان اللذين يريد، وهو ما حصل في حرب تموز 2006 مع اسرائيل وكما يحصل حاليا في سوريا ويعرّض لبنان لأخطار العنف والارهاب والحرب بعد ضرب اسرائيل مقاتلين لـ”حزب الله” داخل الاراضي السورية، وهذا يعيد مطالبة قوى 14 آذار بانسحاب مقاتلي الحزب من سوريا تمهيدا للعودة بلبنان الى سياسة النأي بالنفس والحياد توصلا الى تنفيذ القرار 1701 الذي يحمي تنفيذه هذا الحياد بجعل حدوده هادئة وآمنة.

ثمة خلاف آخر بين قوى 8 و14 آذار من خلال الحوارات الثنائية الجارية والتي لا يمكن حسمها الا بالعودة الى كلا التكتلين الكبيرين، منه ما يتعلق بتعديلات مقترحة على مواد في دستور الطائف، وما يتعلق بالديموقراطية العددية والديموقراطية التوافقية، فبعض القوى السياسية يرى العودة الى الديموقراطية التي كانت الاكثرية بموجبها تحكم والاقلية تعارض، وبعضها يرى الاستمرار في تطبيق الديموقراطية التوافقية ما دامت الطائفية لم تلغ، وما دامت القرارات المهمة تحتاج الى موافقة كل القوى السياسية الاساسية الممثلة في الحكومة، وان لا بديل من هذه الديموقراطية الا اذا تم التوصل الى إلغاء الطائفية وقامت الدولة المدنية.

إن الاتفاق على كل هذه النقاط يطرح سؤالا مهما: هل تظل سدة الرئاسة شاغرة الى ان يتم التوصل الى اتفاق عليها، ام ينبغي انتخاب الرئيس وبعد انتخابه تبحث الحكومة التي يتم تشكيلها فيها ما دام كل اتفاق يتم التوصل اليه بالحوار يحتاج الى موافقة الحكومة ومجلس النواب ليصبح نافذاً، وماذا لو ان الحوار فشل، لا سمح الله، وعاد كل فريق الى محوره إن لم يكن إلى متراسه؟!