كما جاء في تقرير التصنيف الائتماني لمؤسسة «ستاندرد اند بورز» الذي وضعته قبل شهر ونيف، قررت لجنة مراجعة التصنيف الائتماني للدولة اللبنانية في «موديز» الإبقاء لمدة ثلاثة أشهر من تاريخه على التصنيف الحالي CAAI وفق ما جاء في بيان صادر عن وزارة المال، لكن المؤسستين المعنيتين أبقيتا لبنان تحت المجهر وقيد المراقبة مع ميل في اتجاه التخفيض بعد انقضاء المهلة إلى ما دون السلبي إذا لم تلتزم الحكومة في موازنة العام المقبل بالمعايير المطلوبة منها.
وعلى وقع هذه التقارير بات مصير لبنان واللبنانيين معلقاً، بعدما علقته على مدى الأسبوع الفائت أزمة الدولار التي بدأت حسب الخبراء تشق طريق الحل المجتزأ على وقع تعميم المصرف المركزي الذي أتاح للمصارف منح اعتمادات مستندية مخصصة حصراً لاستيراد المشتقات النفطية والقمح والأدوية بوصفها مواد أساسية على ان يتكفل مصرف لبنان بتأمين قيمة الاعتمادات المطلوبة للاستيراد بالدولار الأميركي بشرط ان تودع في كل حساب خاص ولكل اعتماد مستندي على حدة بتاريخ فتح الاعتماد على الأقل 15٪ من قيمة الاعتماد المستندي المطلوب بالدولار ومئة بالمئة من قيمة الاعتماد المستندي المطلوب بالليرة اللبنانية. ومما لا شك فيه ان هذا التعميم اراح السوق نسبياً، فارتفعت سندات لبنان بالدولار ودفعت بالليرة اللبنانية للارتفاع امام الدولار ولكن ليس في سوق القطع الرسمي بل في السوق السوداء التي ظهرت بقوة طيلة الأسبوع الماضي، وما قبله بعدة أسابيع من دون ان يلحظ اللبنانيون أي تحرك جدي من قبل كافة المسؤولين لوضع حدّ لهذا الفلتان ولهذه الفوضى التي ارهبت كل اللبنانيين الذين ما زالوا متمسكين بالعملة الوطنية.
صحيح ان تعميم مصرف لبنان وضع حداً للفوضى التي سادت طوال الأسبوعين الماضيين واستدعت نزول اللبنانيين إلى الشارع يطالبون برحيل هذه الطبقة السياسية العاجزة والفاشلة، الا ان الصحيح أيضاً ان هذا التعميم لم يقدم حلاً جذرياً يضمن الحفاظ على سعر صرف الدولار كما كان قبل تلك الفوضى، بل ترك الباب مفتوحاً امام السوق السوداء وفق ما تبين بعد التعميم حيث ارتفعت الليرة اللبنانية امام الدولار فقط في السوق السوداء، من دون ان يسمع أحد من اللبنانيين من أي مسؤول كلاماً يجزم بأن الليرة اللبنانية بألف خير وستحافظ على سعر الصرف الذي كان ثابتاً قبل ان تحصل تلك الفوضى، بقدر ما سمعوا كلاما من هنا وهناك عن احتدام الخلاف بين أهل السلطة عبرت عنه تصريحات صدرت عن المسؤولين في التيار الوطني الحر ومقربين من رئيس الجمهورية وردود عبرت عنها كتلة تيّار «المستقبل» بعد اجتماعها أمس.
وأمام هذا التأزم السياسي يُمكن ان تتلاشى الآمال التي علقها قسم من اللبنانيين على تحسس أرباب السلطة بالمسؤولية ما يدفعهم إلى تجاوز خلافاتهم ومصالحهم المتضاربة وللاسراع بالعمل لوضع حدّ لهذه الفوضى السائدة في سوق القطع من جهة، وفي الاستجابة من جهة ثانية إلى متطلبات مؤسسات التصنيف قبل ان تصبح الدولة فاشلة، لكن الكثيرون يميلون إلى ان الاعتقاد بأن الوصول إلى هذه النتيجة بات من المستحيلات.