IMLebanon

في خطأ شائع..

 

ما الجديد الذي قدّمه «حزب الله» في بعض ترشيحاته النيابية، ليجعل قصّة المفاجأة واردة وممكنة القراءة والتعجّب ثمّ الاستهجان والمباشرة في النقّ والمحاججة والتقريع؟!

 

ما الذي تغيّر أو استجدّ في سلوكيات الحزب حتى تخرج عليه وضدّه، كل تلك الردحيات الحائرة والدائخة والصارخة والمعترضة؟! أم إنّ «لكل مقام مقال»! ومقام الانتخابات النيابية يشتمل على حساسية استثنائية، لا تحوزها مواضيع أخرى، مثل الانخراط في البلاء السوري! أو التورّط ومحاولة توريط لبنان كلّه، في معارك إيران وحروبها ضد المجموع العربي؟ أو الإصرار على مواصلة بناء مقوّمات هياكل ذاتية، موازية للهياكل الشرعية الدستورية الجامعة للبنانيين تحت سلطة الدولة ورعايتها؟!

 

في الخطأ الشائع، الذي لا يزال شائعاً، أنّ اللبنانيين «الآخرين» (الأغيار!) وخصوصاً منهم الذين يرفعون هذه الأيام الصوت في وجه بعض الترشيحات النيابية، يحكمون على أداء «حزب الله» انطلاقاً من فهمهم لمقاييس الصحّ والغلط! وهذه وإن كانت مؤاخية لـِ«الفهم» العام، العادي والطبيعي والتلقائي عند عموم البشر، فإنّها بالنسبة إلى الحزب «وطريقة تفكيره» ليست بديهة لا تُناقش! وليست صحيحة، لا بالمطلق، ولا من حيث المبدأ، ولا من حيث التفاصيل.. مقاييس الحزب على قياس الحزب ونصوصه وأيديولوجيّته وانتمائه وارتباطاته! والذي يراه هو انطلاقاً من ذلك، يعني بالنسبة إليه أنّه «الصحّ» و«الأصح» بغضّ النظر عن رأي الآخرين وموازينهم المنطقية والحسابية! والذي يقرّره هو يتلاءم (بصدق!) مع حساباته الحزبية وحدها، وليس مع حسابات الآخرين، أيّاً كانوا، إلا إذا اقتربت تلك إلى حدود التماهي معه والتسليم له، والإقرار بما يقرّه، والقبول بما يطرحه!

 

مَن لم يسأل عن رأي اللبنانيين عموماً، ورأي سلطتهم ودولتهم ومصالحها ومصالحهم، في الذهاب إلى المشاركة في قتال السوريين والانخراط في نكبة ستكون لها تداعيات كبرى في التاريخ والجغرافيا والفتنة المذهبية.. لن يتشردق بأحد في قضيّة الانتخابات النيابية! ولن يأخذ في الاعتبار «آراء» أهل المناطق المعنيّة بخياراته حتى لو كان هؤلاء معه و«مستعدّون لخوض البحار» وإيّاه! أو لو كانوا «حلفاء» يحتاج إليهم ويحتاجون إليه! ولن يتردّد في طرح أسماء مُستفزّة أو منفوخة أو مُتّهمة أو ضحلَة أو مدّعية أو متذاكية.. لا يهمّه من الأمر سوى أن يُنفّذ قراره ويفرض إرادته، ونقطة انتهى النقاش!

 

من يعتبره الآخرون مُستفزًّا ومتّهماً وضحلاً ومدّعياً ومتذاكياً ومنفوخاً، يعتبره هو حليفاً وثقيلاً وموزوناً وذكيّاً ومتواضعاً وديّاناً يحقّ له هو الحكم على الآخرين، وليس العكس!

 

ومَن استخدم فزّاعة «الإرهاب التكفيري» على مدى سنوات لتبرير ممارساته في الداخل السوري وإسكات النقاش المحلّي (داخل بيئته أوّلاً وأساساً وفقط!) لن يتردّد في استخدام فزّاعة «السفارات» و«المؤامرات» لإسكات أصوات المعترضين على بعض خياراته الانتخابية! ولشحذ الهمم (المذهبية) وإعادة تقويم الإعوجاجات فيها!

 

.. «التفكير» من خارج «حزب الله» في صواب أو خطأ قرارات يتّخذها «حزب الله»، هو خطأ شائع ومستدام، وآنَ له أن يُصحَّح! وأن يكفّ «الأغيار» عن الاندهاش والتفاجؤ والاستغراب!.. ولو؟!

 

علي نون