Site icon IMLebanon

في تحذير ممجوج..

 

رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني، يحتاج إلى من يشاوره في آرائه قبل أن يطلقها، على ما يبدو!

 

يحذّر بالأمس من أن «أمن الشرق الأوسط سيكون في خطر إذا شعرت إيران بأنها محاصرة من الأعداء»… والحق الحق يُقال بأن هذه القولة لا تليق بأغرار في السياسة والتوجيه والتعبئة والتنفير والاستنفار والإعلام، ومن حيث المبدأ قبل الاستطراد!

 

جملة واحدة تشتمل على ركاكة توصيفية وتبليغية، وتدلّ على عكس المراد منها. فإذا كان الظنّ والهدف إظهار القوة والبأس فهي تدلّ على ضعف وعبث. وإذا كان المقصود استدراج الكلام بدلاً من الصدام فهي تعدم الأولى وتقرّب الثانية.

 

الشرق الأوسط الذي يهدد أمنه بالخطر السيّد لاريجاني، هو الشرق الأوسط نفسه الذي لا يكاد يبقى ركن فيه بمنأى عن أخطار متغيرة متعددة الطبقات والأبعاد. وجوانبه وحواشيه تئنّ أنيناً يناسب المقام، وكلٌ في مكانه وعلى قياسه.. ولا يمكن عاقل أن ينكر بأن إيران سبب رئيسي في توليد ذلك كله. أو على الأقل، في الاستثمار السلبي الناري في بعض الأزمات والنكبات. وفي تفجير بعضها الآخر. وفي السعي لمحاولة إتمام النقص التأزمي في خريطة البلاء هذه!

 

يحذّر من مخاطر «شعور» إيران بأنها «مُحاصرة من أعدائها»، وكأنها في كل حال، وفي الأصل والأساس مكتفية بحالها داخل حدودها! ولا تعرف تماماً لماذا «يهجم» هؤلاء «الأعداء» عليها! وما هو «الغلط» الذي اقترفته في حقهم وحق دولهم وشعوبهم وأنظمتهم وقيمهم ورموزهم كي يبادروها بكل هذا «العداء»! أو كأن نظام السيد لاريجاني في سياسته ودستوره و«حرسه» وبلاغه وإعلامه، قدّم على مدى تاريخه أداء خارجياً (على الأقل) عماده وركنه الالتزام بمبدأ عدم التدخل في شؤون الآخرين! واحترام إرادات وسيادات ودساتير دول الجوار! أو كأن دستور بلاده نسخة منقّحة عن دستور سويسرا أو السويد مثلاً! ولا ينصّ بوضوح على «حق» و«واجب» الذهاب إلى الخارج لـِ«نصرة المستضعفين»! وتثوير القانعين! والعمل على تنوير الظلاميين بأضواء «الولي الفقيه»؟!

 

.. كأن إيران (تكراراً) منكبّة على شؤونها الداخلية. وعلى مقاربة حاجات أهلها وحسب! ولا تدّعي ريادة محورية تدفعها إلى تلبّس أدوار أكبر منها ومن حجمها وقدراتها ونتاجاتها! ولا تشعر بـ«فائض ثورة» طاف في داخلها فأخذت «تصدّره» إلى خارجها!.. إلا إذا كان السيد لاريجاني يعتبر أن «محاصرة إيران» تعني حرفياً ومباشرة محاصرة «نفوذها» في سوريا واليمن والعراق ولبنان مثلاً! باعتبار أن «الجغرافيا الثورية» تبطح الجغرافيا الكيانية والدستورية والوطنية وتجعل، على قول قادة وجنرالات «الحرس الثوري»، «الحدود» الإيرانية واصلة إلى الجنوب اللبناني غرباً وضواحي أوزبكستان شرقاً، وإلى الساحل اليمني جنوباً والساحل السوري اللاذقاني شمالاً..

 

تحذير السيد لاريجاني المشروط يستبطن دعوة إلى التفاوض وإن بلغة إبتزازية، لكن المشكلة العويصة مع المنظومة الإيرانية هي أنها تتراخى عندما تشعر بالضعف وتتنمر عندما تشعر بالقوة، وفي الحالتين تحت سقف ثوابت لا تريد تعديلها ولا إعادة النظر فيها ولا التواضع في السعي إليها! وهذه لعبة ممجوجة ولم يعد أحد في الخارج مستعد لمجاراتها فيها. أو هكذا الظن.. والله أعلم!