Site icon IMLebanon

في حلب والإعجاز!

نفَّست بسرعة براميل البلف التعبوي الممانع في شأن حلب وحصارها و»ممراتها الانسانية». وأمكن بقليل من الجهد التعبوي وكثير من الطخّ الناري المضاد، سحب تلك الورقة البلفية من ايدي جماعة المحور الاسدي الايراني، وإعادة تصحيح الميزان الذي كسره اكتمال الحصار على المدينة الساحرة!

وعلى عادتهم المألوفة، استعجل هؤلاء في فتح صالة الافراح وتهنئة بعضهم البعض! وعادوا الى اشاعة خبريات خلاصية، مع انهم «فاتوا بالحيط« وتهتكت «توقعاتهم» و»قراءاتهم» وتحليلاتهم.. وتهديداتهم تحت وطأة الحقائق العارية، اكثر من مئة مرة على مدى السنوات الخمس الماضيات!

وذلك أداء يدل من جهة، على تكتيك تعبوي نفسي مألوف في المنظومات العسكرية والحروب على أنواعها، ومن جهة ثانية على ضمور واستحالة الحسم الميداني والضرورة الحتمية بالتالي، لاستخدام تكتيكات بديلة مشتقة من مدونات الخداع وتفاصيلها! علّها تدمّر في معنويات «العدو» ما تعجز عن تدميره الآلة العسكرية وتتماتها المرعبة والمخزية.

وتلك معادلة مثيرة بالفعل: منذ خمس سنوات والعالم بأسره يشهد على حرب غير متكافئة. وبرغم ذلك، فان الطرف المسلح والمدرع والمجيش والخبير فيها لم يقوَ على حسمها!

كل آلة النظام العسكرية والأمنية وكل أجهزته الراكبة فوق بعضها البعض، وكل اسلحته الجوية والصاروخية والبرية والبشرية والتشبيحية، زائد ايران و»خبراءها»، وميليشيات «كبرى» مثل «حزب الله» وتوابعه من العراقيين والأفغان والباكستانيين. يُضاف اليهم جزء كبير من القوى الفلسطينية الموجودة أصلاً في سوريا. وجزء آخر وكبير بدوره من القوى الكردية الموجودة في الشمال. زائد الاختراق الخطير والمميت الذي شكله «داعش»، وتكفّله وتخصّصه في محاربة «المعارضة« دون غيرها! زائد نزول الروس الى الميدان. بالطيران الحربي الأحدث في ترسانتهم. و»بخبرائهم» وتذخيرهم وقوتهم النارية العمياء والصمّاء والفاجرة والإجرامية، واستحضارهم غروزني الشيشانية كمثال يُحتذى! وفوقهم جميعاً «عين» اسرائيل الساهرة فوق كل تفصيل مملّ وغير مملّ..

في المقابل، مجموعات معارضة، مسلحة في الحدود الدنيا. لا صواريخ إلا بالقطارة! ولا غطاء فوق الرؤوس أياً يكن! ولا ملاذات آمنة. ولا بنى تحتية (حربية ومدنية) مكتملة وبيئة حاضنة مُهجّرة رحّالة اكثر منها مقيمة. والمقيمة منها لا ترتاح يوما من دفن ضحاياها ومداواة جرحاها جراء الغارات الجوية.. وفوق ذلك كله، سياسة اميركية كارثية لا تليق بعدو قبل أن تدّعي مساعدة صديق أو حليف!.. ثم التشويه المريع الذي لحق بـ (المعارضة) جراء التباسات «الارهاب» وتوظيفاته واختراقاته..

ومع ذلك كله، وبرغم عنه، لم تتمكن قوى «المحور» الممانع، من تحقيق «انتصار» يُعتّد به! ولا كسر شوكة «الثورة السورية» (والمصطلح في مكانه وزمانه علمياً!) ولا حتى الاقتراب من ذلك.. وهذا هو المعنى الوحيد لمصطلح الاعجاز! وهكذا يمكن (لغوياً وضميرياً) تفسير مصطلح «الانتصار» وأخيه الصغير «الانجاز»، وردهما فوراً ومباشرة وحصرياً الى شعب سوريا وثورته!