لم تكن مفاجئة زيارة زعيم تيار «المستقبل» سعد الحريري الى بكركي. أوساط الجانبين تتحدث عن «لقاء جيد جدا ومريح». وان كانت بعض الأوساط المطلعة تؤكد أن هذه الزيارة «لن تسهم في ملء الشغور الرئاسي لأن المسألة ليست لا بيد الحريري ولا بيد البطريرك بشارة الراعي، فكلاهما لا يملكان سوى الاتفاق على بذل المزيد من الجهود، كل من منظاره، في سبيل الحلحلة المؤجلة حتى الساعة». وفي الانتظار، وحيال التنافس في البيت الواحد بين العماد ميشال عون والوزير سليمان فرنجية، تؤكد أوساط بكركي بأن «الكنيسة لا يمكنها أن تجبر أحدا على الانسحاب لمصلحة الآخر وكل ما يمكنها هو التشجيع على التوافق، وعلى هذا الاساس ستمضي في مساعيها لمحاولة التقريب بين وجهات النظر على خط الرابية وبنشعي»، ولكن المشهد ما يزال ضبابيا عشية توجه البطريرك الثلاثاء الى روما في زيارة دورية على ان يعود الأحد، وفي ظل عدم وجود أي شيء مقرر في ما يتعلق بأي اجتماع للأقطاب الموارنة الأربعة في بكركي.
أراد الحريري الظهور بمظهر من يملك المبادرة وبأنه يقرر توقيت تحريك الملفات العالقة بمجرد عودته الى لبنان، لكن ثمة من يعلق على زيارته الى بكركي تحديدا من ضمن جولته الموسعة التي وصلت الى طرابلس، بأن كل هذا الحراك لن يصل الى شيء، فهو لم يعد يملك «المونة» تجاه حلفائه.. وكذلك البطريرك تجاه الزعماء الموارنة. ناهيك بالخلط الحاصل بين «الدستورية» و «الميثاقية». ويعلق هؤلاء على الحراك الحريري ربطا بزيارة بكركي قائلين: «يخطئ من يراهن على ان التنسيق الشامل بين حزب الله وحركة أمل على كل شاردة وواردة في الملفات كافة لن ينسحب ايضا على الملف الرئاسي».
ملء الشغور الرئاسي يمثل النقطة المشتركة التي يلتقي عندها الحريري مع الكنيسة المارونية. هذا ما تقوله أوساط الحريري لافتة الى ان «مبادرة الأخير تصب في هدف ملء الشغور، وبالتالي كان لا بد من اللقاء مع المرجعية التي تدعو الى تحقيق الهدف نفسه». وإذ تشير الى أن اللقاء من هذا المنطلق فرض نفسه فرضا، توضح أن زعيم «المستقبل» هدف من خلال زيارته الى بكركي الى ممارسة المزيد من الضغوط التي يؤمن ان من شأنها انهاء الاستحقاق الرئاسي. وتحرص على التنويه بأن «بكركي في هذا اللقاء ليست فقط المرجعية المارونية الاولى، بل المرجعية التي أطلق الأقطاب الموارنة تحت سقفها تعهدهم المتبادل بالتنازل للقطب الذي ينجح في توفير حظوظ فوزه بالكامل».
خلال الخلوة التي استمرت نحو نصف ساعة، جدد الحريري التزامه بترشيح سليمان فرنجية للرئاسة. أما البطريرك فجدد بدوره حرصه على «إنهاء الشغور اليوم قبل الغد». وبحسب مطلعين، شكر الحبر الماروني للحريري تحركه حيال الملف الرئاسي انطلاقا من ترحيب بكركي بكل تحرك يصب في هذا الاتجاه، وتمنى على الحريري «ان تكون عودته الى البلد قد حركت الملف الرئاسي الجامد، وان يتوجه وبقية الكتل النيابية الى البرلمان لحسم الموضوع على اساس اللعبة الديمقراطية لأن الفراغ لم يعد يحتمل في ظل ما تواجهه المنطقة برمتها». وينقل هؤلاء عن البطريرك في الوقت نفسه تعبيره أمام الحريري عن «حرصه على التوافق وان يكون الجميع راضيا». وفي العرف البطريركي، ثمة في البرلمان اليوم أكثر من 3 مرشحين «على اعتبار أن كل ماروني في لبنان مرشح رئاسي».
وبعد الخلوة قال الحريري: «ربّما البعض يعتبر أنّ الإمتناع عن الذّهاب إلى مجلس النوّاب هو حقّ دستوريّ، هذا قد يحصل مرّة أو مرّتين، ولكن إبقاء الفراغ بهذا الشّكل وخصوصا في رئاسة الجمهوريّة، برأيي هو حقّاً خيانة للدّستور».