IMLebanon

في «قدرات» الأسد!

التفاصيل الإضافية التي تتوالى يوماً تلو آخر، عن حجم التنسيق الروسي الإسرائيلي إزاء النكبة السورية، تدفع إلى الافتراض بأنها ستكون أكبر من القدرة على تجاهلها من جانب إيران أساساً و»حزب الله» تفصيلاً.

ومصطلح «التنسيق» يصحّ في الشأن العملياتي الجاري راهناً، لكنه لا يختصر، على ما يبدو، مجمل العلاقة القائمة بين موسكو وتل أبيب، بحيث لا يناقض الصواب وضعها في إطار قريب من «التحالف» الذي يعني في تفاصيله وعمومياته، أن روسيا بوتين خرجت من موقفها المألوف القريب من الجانب العربي وذهبت الى نقيضه الإسرائيلي.. وأن ذلك يطال كل شيء، بدءاً من القضية الفلسطينية وصولاً إلى الصادرات الزراعية!

ولكثيرين أن يستهجنوا ما يُسمى تطنيش جماعة الممانعة الأسدية عن ذلك الوضوح الروسي القريب من الوقاحة والصلف الناشف، إزاء مدى التنسيق المفتوح مع إسرائيل وعمقه. ومن دون الأخذ في الاعتبار الحساسية العربية التاريخية، أو حتى مراعاة الحليف الإيراني، لا في الشكل ولا في المضمون.

.. لكن لكثيرين في المقابل، أن لا يجدوا في ذلك التطنيش إلا تأكيداً لـ»الانطباع» المتولّد من يوميات النكبة السورية والقائل بأن الطغمة الفئوية الأسدية أثبتت فعلياً وعملياً أنها مستعدة لفعل «أي شيء» لتفادي اندحارها الأخير.

و»أي شي» تعني حرفيًّا أي شيء»! وهذا يتدرج من القتل المفتوح لكل آخر وبكل سلاح وطريقة ممكنين بما في ذلك استخدام الكيماوي والغازات السامة.. الى الاستثمار المفتوح في الإرهاب وطلاسمه وجماعاته.. الى الاستمرار في محاولة بيع إسرائيل وظيفة حماية خاصرتها الشمالية من جهة الجنوب السوري المحتل، وصولاً بعد قليل من ذلك، الى تقديم ما يلزم من أدلة عن مدى الاستعداد لبيعها ما تيسّر من أعدائها إليها.. أي تحديداً وخصوصاً «حزب الله» ومواقعه ومخازنه؟!

وذلك استنتاج قد يبدو متطرفاً، أو منطلقاً من خلفية عدائية أكيدة مع تلك السلطة التي يكاد ثمن «المحافظة» عليها أن يقارب المستحيلات.. لكنه استنتاج مسنود بمرئيات ووقائع لا تُنكر. وهذه تبدأ من خطوط التنسيق بين غرف العمليات العسكرية الروسية الإسرائيلية ولا تنتهي عند تصعيد الإسرائيليين في الآونة الأخيرة وتيرة غاراتهم الجوية على مواقع ومقار لـِ»حزب الله» داخل سوريا.

إذا كانت عمليات القصف الروسي تستند الى بنك أهداف وضعته السلطة الأسدية، وهذا بدوره يصل الى الغرف العسكرية الإسرائيلية بحجة التنسيق لتفادي أي إشكال «غير مستحبّ«! فما الذي يمنع (ولا شيء يمنع!) ان يتضمن ذلك البنك أرصدة هامشية من نوع معلومات (إضافية) عن مواقع أو تحركات أو مخازن «حزب الله»؟!

من دمّر ويدمّر سوريا بهذه الطريقة، ومن نكّل وينكّل بأهله بهذه الطريقة، لن يغصّ بالإيرانيين ولا بحلفائهم اللبنانيين! ولن يتورع، يقيناً، عن بيعهم لإسرائيل لإقناعها بمدى فائدته لها! وبقدرته على تطويع وظيفة حمايتها بما يتلاءم مع دوام تلك الوظيفة؟!

لن يطول الوقت، قبل أن تلطم وقائع السلطة الأسدية ويوميات التنسيق الروسي الإسرائيلي أوهام إيران وجماعتها في سوريا.. إلا إذا كنا نحن، سائر البشر، عاجزين عن استيعاب حجم تعقيدات النكبة السورية، ومدى العجائب فيها!

.. وتلك لعمري، فرضية ممكنة، طالما أن البعض لا يزال يتهم الأسد بأنه «ممانع» أو «مقاوم»!