Site icon IMLebanon

في المنفوش..

أمران مفاجئان في «حالة» رئيس سوريا السابق بشار الأسد وكلامه الأخير.. الأول أنّ كل ما جرى على مدى السنوات السابقات لم يُعدّل شيئاً في مجال الرؤية عنده، وبقي على ما هو عليه كأشهر طبيب عيون قصير النظر!

والأمر الثاني هو استعجاله الظهور بمظهر «المنتصر» برغم كونه المهزوم الأول في دولة صارت حطاماً. و«سيادتها» وُزِّعت مغانم على القريب والبعيد بمن فيهم، من أتى من باكستان وأفغانستان..

أما غير ذلك، فإن مَن خرج على الملأ قبل يوم من الذكرى الرابعة لمجزرة الكيماوي في الغوطة الدمشقية، هو ذاته من كان في ذلك الآذار من العام 2011 يخبر بعض «القلقين» بمدى حرصه على مشاعر خالته إذا عاقب ابنها عاطف نجيب على ما فعله في درعا! ثم يطمئن هؤلاء بأنّ «وضع سوريا (في كل حال)، يختلف عن وضع ليبيا ومِصر وقبلهما تونس»!

ما فعله في طلّته الأخيرة، هو تكرار لما دأب عليه على مدى المرحلة الماضية: كلما ربح معركة، بقوة حلفائه، يخرج إلى الاستعراض ويقول شيئاً شبيهاً بما قاله بالأمس. على أنّه هذه المرّة يبدو أكثر انتشاءً.. وأقرب إلى طباعه الأولى المتناسلة في بعض أبرز مفاصلها، من ثقافة بعثية نظامية أصيلة، اعتبرت من ضمن اعتباراتها، أنّ إسرائيل انكسرت في حرب العام 1967 لأنها احتلت الأرض ودمّرت الجيش، لكن النظام بقي!

هذه المقاربة هي ذاتها، التي تجعل هذا المخلوق يظهر بمظهر الديك المنفوش برغم مقتل مليون سوري وإعطاب مليونين آخرين. وتدمير معظم العمران في طول البلاد وعرضها. وتهتك المؤسسات. واضمحلال الجيش، واختصاره بـ«الفرقة الرابعة» العائلية! وتهجير نحو 12 مليون إنسان داخلياً وخارجياً. وتبخّر معظم سلطاته وأدواره. واندحاره إلى حدّ عدم التجرّؤ على تحدي فرقة ميليشيا أتت بها إيران من آخر الدنيا! أو على منع اقتراب أي عنصر أسدي من بعض المراكز والمناطق «الحساسة» في قلب دمشق (حيث ينتشر حزب الله مثلاً) أو التمرّد على أي قرار يتخذه داعموه. أكانوا روساً أو إيرانيين، أو أتباعاً وحلفاء للحلفاء!

هو ذاته، هذا «الرؤيوي»، لا يزال قاصراً عن رؤية الاستطرادات المنطقية العامّة لما سلَف. حيث فقدان السيطرة والسيادة والقرار ميدانياً وموضعياً، لا يعني سوى فقدان التحكّم بالمصير والمصائر سياسياً واستراتيجياً. وحيث المصالح الكبرى للدول المنخرطة في هذه النكبة، تبقى في كل الأحوال، أهم وأشمل من أن تُحصر في هيئة نظام بائس. أو تركيبة سلطوية فاجرة وساقطة.. وذلك يعني حُكماً ومباشرةً، أنّ ما يسري على «الإرهاب»، وعلى المعارضة بهيئاتها الشرعية، سيسري على بقايا السلطة الأسدية في لحظة نضوح أسباب «التسوية» ومقوّماتها!

.. إلاّ إذا حطّ «القرار» إقليمياً ودولياً، عند تثبيت خطوط الفصل الراهنة. وتحويل مناطق التهدئة الموقتة، إلى حدود دائمة! وعندها يستطيع «الطبيب» بشار الأسد أن يدّعي أنّ «العملية نجحت لكن المريض مات».. بقي في مكانه فيما اندثرت سوريا!