350 ألف ليرة لبنانية هي قيمة الزيادة على الأقساط التي فرضها معهد القديس يوسف في عينطورة لتغطية مصاريف إضافيّة مترتبة عليه. زيادة تُضاف إلى مبلغ الستة ملايين ليرة الذي يدفعه الأهالي، سنوياً، عن كلّ ولد لقاء الاستفادة من خدمات التعليم في المدرسة، زيادة مُرفقة بعبارة «خدمة الفقراء هي السبيل إلى الله» في مؤسّسات كاثوليكيّة تشفط ما في جيوب الفقراء مقابل ذكرهم في صلواتها!
«خدمة الفقراء هي السبيل إلى الله»، عبارة منسوبة الى القديس منصور دي بول استخدمتها إدارة معهد القديس يوسف في عينطورة على رأس التعميم المُرسل إلى الأهالي في السادس من نيسان الحالي.
الهدف ابلاغهم «رفع الرسوم المدرسيّة ثلاثمئة وخمسين ألف ليرة لبنانيّة عن كلّ طالب للعام الدراسيّ 2015-2016 لتغطية بدل تدرّج المعلّمين السنويّة، وبدل زيادة عدد موظّفي الأمن في حرم المعهد»، ولم ينسَ رئيس المعهد الأب سمعان جميل، الذي وقّع التعميم، إرسال تمنّياته للأهالي بحلول نعمة يسوع وسلامه في قلوبهم الآن والى الابد، وتأكيده انه يحملهم في صلاته دائماً.
كيف يخدم
رجال الدين الفقراء بمص دمائهم؟
طبعاً هذه التمنّيات والصلوات لم تشفِ غليل الأهالي الذي يدفعون سنوياً نحو ستة ملايين ليرة لبنانيّة عن كلّ ولد؛ صحيح أن مدرسة عينطورة «غالية وكلاس» ومستواها التعليمي ممتاز و»زبائنها تقّالة» ولكن الوضع الاقتصادي أطبق على أعناق الناس. يسألون كيف يخدم رجال الدين الفقراء، وكيف يسلكون طريق الله وهم يمصّون دماءنا؟
يردّ المكتب الإعلامي في المعهد على استفسارات «الأخبار» من دون ان يصيب المغزى، اذ رأى أن «ما ورد في التعميم من تعاليم دينيّة يندرج ضمن تربية المدرسة الكاثوليكيّة. يحقّ لنا كتابة ما نراه مناسباً في بيتنا الداخلي طالما أننا لا نخالف القوانين، لماذا نُسأل عن منهجيّتنا ولا تُسأل المدارس المُسلمة عن عبارات دينيّة تستعملها في بياناتها. هذه لغتنا، وإذا استفزّت الأهالي فلمَ لا يضغطون على وزارة التربية لتحسين مستوى المدارس الرسميّة. إنها ثقافتنا ويجب احترامها». الجدير بالاشارة ان الاهالي لم تستفزهم اطلاقا العبارات الدينية المستعملة في التعميم، بل استخدام تعابير تدعو الى «خدمة الفقراء» في معرض زيادة قسط التعليم بمبلغ 350 الف ليرة دفعة واحدة، اذ سأل المنتقدون كيف تخدم المدرسة الفقراء بزيادة اقساطها لتصبح مرتفعة جدا.
قانونيّة زيادة الأقساط
ينصّ قانون تنظيم الموازنة المدرسيّة الرقم 515/96 أن على كلّ مدرسة تقديم موازنتها إلى وزارة التربية في نهاية الشهر الأول من كلّ سنة، شرط أن تشكّل رواتب وأجور الأساتذة 65% من قيمتها، بحيث يحرّم القانون خفض النسبة وإنّما رفعها تماشياً مع قيمة الرواتب، وهو ما قد يرتّب على الأهالي زيادة في الأقساط. بينما تشكّل مصاريف المدرسة نسبة 35% من قيمة الموازنة، ويحرّم القانون رفعها منعاً من تكبيد الأهالي مصاريف إضافيّة.
بحسب المكتب الإعلامي فإن المدرسة وخلال إنجاز موازنتها «قرّرت فرض زيادة على الأقساط لتغطيّة تدرّجات الأساتذة السنويّة وهو أمر مكفول في القانون، إنّما الجدل الحاصل هو على إدراج رواتب موظّفي الأمن، غير المنصوص عنها قانوناً. لكن سبق للأهالي أن راسلوا الإدارة طالبين تشديد الأمن، ما رتّب أعباءً إضافيّة. واذا كانوا غير قادرين على تحمّلها فلا مانع لدى الإدارة من إلغائها».
يضيف المكتب الاعلامي لـ«الأخبار»: «وُضعت الموازنة وأُرسلت إلى لجنة الأهل التي وافقت عليها ووقّعتها، قبل تعميمها على الأهالي الذين اعترضوا باعتبارها مُجحفة بحقّهم، عندها قرّرت الإدارة تجميد الزيادة وإعادة دراسة الموازنة والخروج بما يرضي الطرفين. حلّ الموضوع داخلياً مع التأكيد أن ما حصل مشروعٌ وقانوني».
ضدّ الضعيف
لا يختلف موقف لجنة الأهل عن موقف الإدارة، يقول رئيسها ناظم الخوري لـ»الأخبار»: «لقد أخذت الإدارة قراراً جريئاً بزيادة الأقساط رغم الأوضاع الاقتصاديّة السيئة، نظراً للعجز الواقعه فيه، لكّنها تراجعت عنه بسبب الاعتراضات، علماً أن الزيادة لم تتخطَ نسبة الـ10% المنصوص عنها قانوناً».
يدافع رئيس اللجنة عن المظلومين، بالنسبة له تتحمّل المدرسة ظلماً كبيراً، فما حصل قانونيٌ رغم الاعتراضات، يقول: «لقد أخذت المشكلة طابع التحريض ضد المدرسة. نحن ندافع عن المظلوم، تمرّ المدرسة بعجز ولديها مصاريفها. المطلوب تحكيم العقل. نحن مع الأهالي لكن يجب التعاون معاً للوصول إلى حلّ منطقي يرضى كلّ الأطراف. ستُعاد دراسة الموازنة وإدراج الزيادة في الأقساط الجديدة، عندها إما أن يسجّل الأهالي أولادهم للعام الدراسي المقبل أو أن ينقلوهم إلى مدرسة أخرى».
الفقراء جاحدون!
يحمّل الأمين العام للمدراس الكاثوليكيّة الأب بطرس عازار الأهل مسؤوليّة خياراتهم، يقول في اتصال مع «الأخبار»: «هم انتخبوا ممثليهم في لجنة الأهل التي وافقت على الزيادة، وتالياً أصبحت شرعيّة وقانونيّة ولو حملت في طيّاتها ظلماً بحقّهم. لقد أوجدت الإدارة نظام أمن لتلاميذها وهذا يرتّب بطبيعة الحال تكلفة إضافيّة على الأهالي تحمّلها. لقد أخذت الإدارة قراراً لتحسين أدائها ولا يجوز التصويب عليها».
يوازي عازار بين المؤسّسات التربويّة والأهالي، يقول: «الأزمة الماليّة تطاول الجميع، تصيب المؤسّسات كما الأفراد. ولقد أقرّت مدارس عدّة الزيادات لتؤمّن استمراريتها». يمتعض من عبارة «عم تمصّولنا دمّنا» التي ردّدها الأهالي، ولا يرى أن قيمة الأقساط مرتفعة، يردّ: «هذا الكلام غير مقبول، هناك قوانين تفرض زيادات سنويّة للاستمرار في تقديم خدمة التعليم للناس. وإن كان ثمّة اعتراض فعلى الدولة أن تتحمّل كلفة التعليم. أقساطنا ليست الأغلى لكن هناك حملة ممنهجة ضدّ الكنيسة في شكل عام».