IMLebanon

في معطيات «شاملة»

 

لم يعد «الوضع» الإيراني في مجمله يحتاج على ما يبدو، إلى أدلّة صلبة لتأكيد مدى تردّيه، والدرك الذي وصل إليه: تكفي متابعة (غير حثيثة!) لأخبار سوريا وما يدور فيها وعليها لإتمام خلاصة التردّي والتأزيم!

 

وتكفي عناوين «برّانية» تبدأ من واشنطن دونالد ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو وتصل إلى سوتشي الروسية عند فلاديمير بوتين وما أبلغه إلى رئيس سوريا السابق بشار الأسد عن «سفر الخروج» الذي آن أوانه!

 

ثم تكفي في العموميات، ملاحظة عدم استغراب أحد عودة خروج أخبار من داخل إيران عن تجدّد التظاهرات والاحتجاجات الشعبية في بعض المناطق الطرفية، وتوقّع كثيرون وصولها إلى بعض المدن المركزية..

 

ثم تكفي من حيث المبدأ، أن تكون مواقف رئيس إيران الشيخ حسن روحاني في القمّة الإسلامية الطارئة في تركيا التي خُصِّصت للشأن الفلسطيني، بعيدة تماماً عن المألوف والمعروف في أدبيات «الجمهورية الإسلامية» منذ قيامها قبل نحو أربعة عقود، أكان إزاء القضية عموماً أم إزاء القدس المحتلة خصوصاً، بل أن يسري ذلك «التطوُّر» على جملة المواقف التي خرجت من الداخل الإيراني ذاته.

 

ثم تكفي أخبار تراجع العملة الوطنية واستمرار ذلك التراجع. وتوقّع الأسوأ طالما أن الرهان معطوب على تعويض الأوروبيين الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، وقدرتهم على «البقاء» في دائرة الاستثمار والتبادل التجاري بعد تجديد العقوبات (الأميركية) وتطويرها، وتوقّع توسيعها!

 

ثم تكفي بعض مستجدّات «النفوذ» وخصوصاً في بغداد بعد الانتخابات، وأحوال الميدان في اليمن.. إلخ!

 

غير أن الميدان السوري يبقى التفصيل الأوضح في هذه الصورة باعتبار أنه مثلما كان درّة تاج الإدّعاءات الإيرانية، تتحوّل ويتحوّل إلى زبدة إنكسار تلك الإدّعاءات وخلوصها إلى كارثة تبدو تامّة! بحيث أن الانكشاف العسكري أمام الإسرائيليين وصيرورة المواقع الإيرانية في سوريا شبيهة بمواقع «حماس» في غزّة، يدلاّن على خلاصة مريرة (توقّعها كثيرون في كل حال) مفادها أن طهران من جديد تختبر تلك النظرية القائلة، بأنها تربح في معارك متفرّقة لكنها تخسر الحرب «الأخيرة»! وأنها في اللحظة التي افترضت أنها «انتصرت» تتراكم أمامها وقائع «الهزيمة.. وهذه الوقائع تبدو صلفة ومؤلمة وشديدة الوضوح! بحيث أن الغارات الجوية الإسرائيلية المعتادة، لم تعد معتادة! وإنما صارت مثلما هو واضح، ترجمة لمسار كبير تتقاطع فيه مواقف إدارة الرئيس دونالد ترامب مع مواقف الرئيس بوتين وتلتقيان عند خلاصة واحدة: على إيران «الانسحاب» من المشهد السوري مثلما عليها «الانسحاب» من سياسة التدخّل في شؤون غيرها في الإجمال».

 

يفترض البعض، بأن إيران تملك الكثير من الأوراق المضادّة التي تمكّنها من الردّ على استهدافها وكسرها، لكن كثيرين في المقابل يقيمون عند قناعة مفادها أن «المواجهة الشاملة» لا تنتج سوى نتيجة حاسمة واحدة وشاملة بدورها، انتصاراً أو هزيمة.. والاستنتاج الأخير ليس صعباً! والله أعلم!

 

علي نون