بديهي، بل أول البداهة أن ترتفع وتيرة التنسيق السعودي التركي إزاء كل أمر جلل يحصل في نواحينا، وخصوصاً في سوريا. وبديهي أن يُترجم ذلك التنسيق من دون شوائب. وعلى الأرض كما على الورق. وفي الميدان كما في المواقف السياسية.
لم يترك محور الطغاة للصلح مطرحاً! بل لم يتورّع عن جعل النكبة السورية عنواناً لمجمل استراتيجيته القائمة على بناء النفوذ في أرض ليست له. وعلى الاستثمار في خراب غيره لتظهير سطوته وتحقيق مصالحه. وعلى استسهال الفتك بشعوب ومجتمعات يعتبرها من غير «مناخه» السياسي وغير السياسي! وراح في ذلك الى البعيد، قاطعاً حدود الجيرة والجوار ومنطق المصالح المتبادلة والمشتركة، كما الانتماءات العامة القائمة على موروث واحد في خطوطه العريضة مثلما هو في معظم تفاصيله.
لم يتردد ذلك الحلف في إشهار عداء أبعد من السياسة وغرضيتها وتبدلاتها، ولا في إرفاق ذلك بصلف لا يُشهره عادة إلا العدو المكتمل العداوة، والمعتد بقدرته وتجبّره ونزوعه الى فرض قراره وخياره بالقوة والغصب والإكراه.. مثلما لم يتردد، ولم يتورّع عن كسر محرّمات تاريخية في سعيه الى تحقيق ما يفترضه «حلالاً» عابراً له!
في هذه السيرة اللعينة، يدفع السوريون ضريبة أكبر من تلك التي دفعها معظم اللبنانيين والعراقيين واليمنيين. ويردّون بكثافة دموية أكبر على محاولة جعلهم عنوان انكسار كل المدار المحيط بهم! ونقطة تتويج انتصار ذلك المشروع الطاووسي المؤدلج قومياً ومذهبياً.
وبديهي إزاء ذلك وفي مقابله، ان يكون التشخيص دقيقاً وفي مكانه. وأن يُنظر الى حرب عموم السوريين هذه باعتبارها أوسع من مجالهم الجغرافي ومن أجندتهم السياسية المتعلقة، في سياقها العريض، بالانتهاء من حكم السلطة الأسدية… كثرة التعقيدات المحيطة بنكبتهم يُفترض ألا تغيّب الوضوح في المعنى والمبنى. والوضوح يعني إتمام عدّة الوعي، ولذلك تبعات في الميدان والسياسة لا بد أن تتلاءم مع الوقائع المتسارعة والمستجدة.
.. وتلك مهمات كبيرة، لكنها تصغر أمام قدرات وإمكانات دولتين بحجم السعودية وتركيا.