IMLebanon

في الممانعة وكلامها..

لن تعوّض الاستعراضات الكلامية عن حقائق الأرض والناس، لا في سوريا ولا في لبنان ولا في العراق ولا في اليمن ولا في غيرها من الأقطار والدول النسبية! التي وصلت إليها خيرات الممانعة وأحالتها شيئاً شبيهاً باليباب والأفران وحقول الكلس والفحم والبصل المعفّن!

وأهل الوهم هم أهل الكلام الممانع. يفترضون فيه رحابة لغوية تعوّض ضيق المكان وضمور الصح. ويأخذون من طبقات الصوت سلّماً افتراضياً صاعداً يعوّض عن المراوحة الكئيبة في المكان نفسه واستمرار الحفر في الوحل ثم ادعاء اكتشاف البارود!

أهل الوهم في نواحينا، كانوا ولا يزالون روّاد مبالغات ومصطلحات القطع والتفخيم والاستثمار في العدم والغريزة، واصطناع العداوة باعتبارها شرطاً لازماً للوجود والوظيفة! ولا تخفى شطارتهم ولا يجوز المسّ باليقين في ذلك، مثلما لا يجوز نكران قدرة بيان الشحن والتوتير وتعميم الكراهية والحقد، على الوصول في بيئات قلقة منذ بدء التاريخ! وقاعدة قائمة على وتيرة توقّع الأسوأ في أي لحظة!

نكران قدرات الخصم أول الطرق إلى الخسران، وأقصرها إلى التشبّه بخصاله. وليست عادة مأنوسة أو حصيفة أو قريبة من الذكاء، الذهاب في التعمية إلى الآخر والركون إلى الافتراض السعيد بأن معرفة نقاط ضعف ذلك الخصم كافية لإشاعة الحبور والطمأنينة في ديارك وبين أقوامك!

والمعضلة حقيقية: كلام أهل الوهم الممانع ليس ترفاً شبيهاً بترف المجادلة والمحاججة في نادٍ فكري أو جمعية أدبية! بل ترجمة صوتية لحقائق متفجرة ولحروب مُلعلعة وولعانة على الآخر، ولنكبات ورزايا وبلايا وكوارث لا تني تتناسل وتكثر وتتّسع، وتأخذ معها شعوباً كاملة وأوطاناً قائمة، وعمراناً كان معقولاً، وهناءات كانت قابلة للتطور والتطوير!

.. كلام أهل الوهم الممانع، أكبر وأخطر من كونه تعبئة للفراغ، أو إكمالاً لعدّة أيديولوجية ناقصة! أو رفداً لآلة القتل والتدمير والمسح والكسح والسفك والفتك! هو في مبتدئه وخبره صنو ذلك كله وأكثر! وأحد الشروط الواجبة واللازمة لإتمام مقوّمات العبث والترميد والعدم في قمة تجلياته!

وحروب الأهل أولها كلام! وزادها اليومي مصطلحات وآراء وأفكار وتنظيرات وفذلكات تُرمى كالملح مثلما تُرمى رميات الرصاص والصواريخ والبراميل والغازات السامة على الناس.. ومثلما تُرمى «النصال على النصال» كي تتكسر على ظهر هذه الأمة المكلومة والمفجوعة والتي ناخت بأحمالها من الضيم والأسى بقدر ما أخذ منها نزف الدم وتفتت العظام وجعلها طريحة مكسورة كلما حاولت الوقوف هرّت أكثر فأكثر!

بيان أهل الوهم الممانع ما أنتج سوى حقيقة لا تُقارن ولا تُجادل: بلاء تام، ما كانت أفحل عقول التآمر في هذا العالم من أوله إلى آخره، قادرة على «إنجاز» واحد على مليون من إنجازاته!