لم تكن مدوّنة الأخلاق في أصولها وفروعها جزءاً من عدّة الممانعة في مسيرتها التخريبية على مدى العقود الثلاثة الماضية.. وهي ليست كذلك اليوم ولن تكون كذلك غداً وأبداً.
وذلك ملحوظ في العموميات كما في التفاصيل: من عدم التورع عن التجارة السياسية (حرفيًّا) بالنكبة الفلسطينية واستخدامها مطيّة لمشروع سلطة ونفوذ يقوم في حالة إيران على بُعدي القومية والمذهب وفي حالة سوريا على بُعد مذهبي حزبي لا مثيل له في أي مكان آخر، الى اعتماد الانحطاط في اللغة والممارسة بكل مستوياتهما ومراتبهما، من انتحال الصفة الى انتحال المكان. بحيث يدّعي العسس الأمني انه عسس إعلامي ثقافي!، ويستبدل المصح العقلي بمكتب صحيفة!
وإزاء حالة عصية مثل هذه ينكسر الميزان من أساسه، ويغيب بانكساره أي وزن للعدالة. وذلك يعني صيرورة الشتيمة بديلاً عن الفكرة. والابتذال تعويضاً عن الانكسار، والصراخ الترهيبي رديفاً للترهيب الصارخ، المادي والملموس والحسّي!
وكان لبنان سبّاقاً في تلقف تبعات ذلك الانحطاط. ومسرحاً لانكشاف ذلك الخواء العميق للشعار الممانع وللازدواجية البلفية لأصحابه.. بحيث إن العبوة الناسفة عندنا سبقت البراميل المتفجرة والغازات السامة في سوريا. والتنظير التبريري التزويري لجريمة قتل سياسي أو صحافي أو مفكر لبناني، سبق ذلك العلك المريض التنظيري التبريري التزويري المريض لجريمة الفتك بسوريا وأهلها، وقتل أكثر من 300 ألف «عميل» من أمثال الطفل حمزة الخطيب.. وتهجير أكثر من 10 ملايين «متآمر».. وإحالة مدن وبلدات وقرى بأكملها الى حطام ورماد أسطوريين.
مقدمات ذلك الأداء أنتجت بعض خلاصاته: من ارتكب تلك «الانجازات» التدميرية والتخريبية الفظيعة في لبنان وسوريا، ورمى الملح على الجرح الفلسطيني في سبيل أوهامه وتخرّصاته، لن يغصّ بالمتاجرة باليمن وأهله. ولن يتردد في محاولة مدّ شعاعه «التنويري» الى تلك البقاع المنكوبة.. وهو بالتأكيد لن يتورع عن التطاول البذيء على العرب جملة وعلى السعودية تحديداً وخصوصاً.