IMLebanon

في القواعد الثابتة

 

لم يجانب الصواب من أخذ كلام الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله عن كسر قواعد الاشتباك، كما هو في ظاهره، حاملاً من جديد على معطى قديم. أي منتقداً ورافضاً مدوّنة السلوك المعتادة التي يصادر بموجبها الحزب المذكور كل ما ليس له ويطوّبه باسمه، ويتغافل (واعياً في كل حال!) عن وجود دولة مفترضة في لبنان، وسلطة شرعية وحكومة واحدة، ثم فوق ذلك كله وقبله، انقسام أهلي مديد وحقيقي وملموس، سياسي وغير سياسي، لا يعطي طرفاً واحداً حق الكلام والقرار باسم الجميع وبالنيابة عنهم!

ولم يجانب الصواب، من وضع يده على خدّه وراح مع الهمّ بعيداً، من وطأة احتمال (احتمال!) العودة بالأمور الى ما قبل القرار 1701، أي فتح الباب مجدداً أمام مواجهة كبيرة، يدفع فيها اللبنانيون وحدهم تلك الأثمان الباهظة لسلعة تشتريها إيران! ويُدمّر لبنان، ويسقط من أهله العشرات والمئات والآلاف، ويتشرد مئات الألوف، فقط كي يُقال، إن المقاومة جبّارة قهّارة، وأنها أبرز استثمار ناجح للتاجر الإيراني! ثم في العموم والإجمال، تبقى إسرائيل في مكانها ولا تتراجع جغرافيتها شبراً واحداً! ويبقى لبنان أسير نكبته المستجدة، أو المتجددة، ولسنوات آتية! وتعود الدنيا لتضجّ بخبريات «أشرف الناس» و»الانتصار الإلهي« وإفشال المشروع الصهيوني مجدداً، علماً أن «فشله» في العام 2006، لم يؤدِ سوى الى تحقيق مطالبه التي رُفضت سابقاً، أي إدخال الجيش اللبناني مع قوات الأمم المتحدة الى الجنوب، وضمان هدوء حدودي خلّاب، استمر لسنوات (ومستمر!) وبشكل غير مسبوق منذ العام 1948.

قراءة كلام نصرالله وفق ذلك السياق الكئيب لا تُجانب الصواب.. لكن الواقع الآخر الذي أكدته المعطيات الميدانية، في شبعا وقبلها في القنيطرة، تترك مجالاً لقراءة موازية، فيها أن قصّة كسر قواعد الاشتباك معطى سابق لا يزال مستمراً في الحدود المعلنة! أي في السياق الذي تُوضع ضمنه العمليات الأمنية المتفرقة التي حصلت خارج نطاق الجنوب اللبناني! وأن ما قيل عن عدم ذكر نصرالله القرار 1701 تحديداً، أمرٌ محسوب تماماً مثل غيره من الكلام الذي قيل عن ترابط المسار والمصير بين شبعا والجولان!

ومعنى تغييب القرار الدولي عن الكلام المباح والمعلن، هو أن لا جديد في شأنه أعزائي الممانعين الولعانين! وأن مفاعيله لا تزال تحكم وتتحكم بالجبهة المقفلة منذ العام 2006! وأن نسفه، أو التنصّل منه، معطى أكبر من قدرة طرف واحد على ذلك، ويحتاج بالتأكيد الى أكثر بكثير من الذي حصل أخيراً.

.. انكسار قواعد الاشتباك، بما يعني نسف قرار دولي مثل الـ1701، لا يتم إلا بانكسار تام للمسار التفاوضي المفتوح بين إيران وأميركا.. والى أن يحصل ذلك، إذا حصل! أو يتأكد العكس ويصل الى مواصيله، فإن القواعد الوحيدة المكسورة في هذه القصة من ألفها الى يائها هي تلك المتصلة مباشرة، بأمن لبنان واللبنانيين وبمصلحته ومصلحتهم الوطنية العليا. ولا شيء آخر.