Site icon IMLebanon

امام الحريري سؤال بعد الانتخابات: ماذا سيفعل مع دمشق

 

بدا المشهد في افتتاح جادة بن سلمان البيروتية اقرب الى السوريالية السياسية، رئيس الحكومة سعد الحريري محاطا بالفريق والاصدقاء السعوديين من جهة ويتوسط وليد جنبلاط وسمير جعجع، الأول هاجمه نهاية الاسبوع المنصرم وكاد يصفه بالغدار في الانتخابات والذي ينقلب على المختارة وعلى رئيس المجلس النيابي بالتعاون مع التيار الوطني الحر، وسمير جعجع لم يلتقِه رئيس الحكومة من ازمة السعودية الا في المناسبات الاجتماعية واختار كل تحالفاته الانتخابية مع التيار واستثنائيا مع القوات كرمى للاشتراكي وما يريده جنبلاط. ولوهلة بدا وكأن ما حصل في 4 تشرين الثاني لم يحصل اصلا ولم يمر في حياة رئيس الحكومة الذي كان استطاع ان يفتح صفحة اخرى مختلفة في الاسبوع الذي قضاه في المملكة قائمة على معطيات جديدة ومقاربة للوضع السياسي اللبناني مختلفة من الجانب السعودي.

واذا كان تفهم عودة المياه الى مجاريها بين الحريري والمملكة لا يحتاج الى جهد استثنائي كبير لفهمه، فرئيس الحكومة كما تبين في احداث تشرين الماضي يحظى بمظلة اقليمية لبقائه على رأس الحكومة وقد حصلت ضغوط اقليمية دفعت باتجاه اقفال الصفحة السوداء مع السعودية وفتح اخرى مشرقة، فرئيس تيار المستقبل كما ثبت للسعوديين هو الحليف السني الاقوى للمملكة على الساحة اللبنانية وهو استطاع ان يكون حالة سياسية واصطفاف شعبي الى جانبه متكلا على كتف بعبدا بتحالف ثابت مع رئيس الجمهورية قائم منذ الانتخابات الرئاسية، من هنا ارتأت المملكة تصفير عدادات المشاكل مع سعد الحريري والعودة الى المربع الاول للعلاقة، وعلى ما يبدو فان الحريري يملك كامل الحرية في انجاز ما يريد لبنانيا فعلاقته مع بعبدا ثابتة ولم تتأثر بعودة الامور الى مجاريها السابقة بعد التحالفات الانتخابية التي قامت بين التيار والمستقبل التي لم تشهد مثيلا لها مع الاحزاب الاخرى حيث تحالف التياران الازرق والبرتقالي في اكثر الدوائر وافترقا في جزين وبعلبك الهرمل وعكار. وبحسب اوساط سياسية فان الرياض التي يجول موفدها الملكي نزار العلولا ويحضر كل فترة توصلت الى قناعة راسخة بأن الحريري هو اقوى حلفائها اللبنانيين واستقطابه او جعله تحت عباءتها افضل الف مرة من معاداته والافتراق عنه  وقد ثبت ان احدا لا يمكن ان يكون البديل ذاته عن رئيس المستقبل على الساحة اللبنانية فسعد الحريري لا يزال يحتفظ بمساحة شعبية على الساحة السنية.

يعتمد الحريري وفق اوساط سياسية انصاف الحلول او الوقوف في الوسط بين الجميع، هو على المسافة القريبة نفسها من بعبدا من لحظة انجاز التسوية الرئاسية، لا يمكن في معادلة الحريري الانقلاب على بعبدا او التغيير في اسلوب التعامل معها فمثل هذا التصرف يكلفه رئاسة الحكومة المقبلة، ثم ان له دينا في بعبدا يتم تسديده  في السياسة على دفعات، ويدفع القسم الاول منه في الانتخابات النيابية التي حصل التحالف فيها بين المستقبل والتيار الوطني الحر بأفضل الممكن في قانون كل واحد «بحسب مصلحته» وكما تعاطت كل القوى السياسية مع النسبي والتفضيلي وبعناية الطرفين على الفوز بحصص وازنة في المجلس وحيث يفترض التحالف وحيث يجوز الافتراق. واذا كان الحريري لم يلتزم بالمطلق مع التيار لكنه انجز افضل التحالفات الا انه لم يلتزم اي اجندة سعودية في هذا الاطار مع القوات فالتحالف مع القوات لم يحصل كما تتمنى السعودية بل وفق ما تفترض قواعد اللعبة الانتخابية، وقد تبين ان المملكة وصلت متأخرة الى الملف الانتخابي بعد انجاز التحالفات وتركيب البازل الانتخابي مجددا.

بدون شك فان المملكة ترغب باعادة لم شمل الحلفاء في 14 آذار لكن الحريري الذي يحرص على العلاقة الجديدة التي تم تحديثها ومدها بالمقويات ليس في وارد ضرب ما حققه مع التيار الوطني الحر وعلاقة «حسن الجوار» مع حزب الله وان كان حزب الله حاضرا في معركة الحريري الانتخابية لزوم المعركة والتصويب على سلاحه يشد العصب السني لرئيس الحكومة، لكن رئيس الحكومة يحسب الف حساب في رحلة العودة الآمنة  لرئاسة الحكومة وعند هذا الحد لم يتراجع عن تفاهماته ولا عن التزاماته ومن هنا ارسل اكثر من رسالة الى عين التينة محاولا ازالة الالتباس الذي سببه كلام جنبلاط عن محاولة لتطيير رئيس المجلس تحصل بين التيار والمستقبل، وكان لافتا تأكيد رئيس المجلس انه سيعيد انتخاب الحريري وتسميته لرئاسة الحكومة.

واذا كان الكل قفز الى مرحلة ما بعد 6 ايار، فان رئيس الحكومة يتطلع الى ما وراء هذا التاريخ  باهتمام، فهو يحضر العودة الى السراي بعدما حصن وضعه الداخلي وانجز العديد من الاتفاقات والتفاهمات من التسوية الرئاسية التي اوصلت ميشال عون الى بعبدا الى قانون الانتخابات النيابية على اساس القانون النسبي والتفضيلي وتطبيق النأي بالنفس تجاه المجتمع الدولي.. ولكن امام الحريري سؤال بعد الانتخابات… ماذا سيفعل مع دمشق؟