لم يتأخر الملك العزيز سلمان بن عبدالعزيز في تأكيد ما هو معروف عنه منذ زمن بعيد لجهة تقديره الاستثنائي للكلمة وأهلها وأساطينها وكبارها وروّادها وصنّاعها، وخصوصاً هؤلاء الذين أخذوا الإعلام حرفة دائمة ومسلكاً مستداماً.. وذلك من خلال تعيينه الزميل الدكتور عادل الطريفي في منصب وزير الإعلام والثقافة في أول حكومة تُشكل في العهد الجديد.
إبداء الاحترام معطى يدلّ الى رفعة في الخلق ونبل في المقاصد والسرائر: تقدير العلم والثقافة والإعلام يضيف عند اهل هذه الأقانيم دواعي الاحترام والتقدير لصاحب الشأن، خصوصاً إذا كان صاحب سلطة مقتدراً وقادراً وأمامه مساحة واسعة من السلطان والسلطات فيقرر، تماماً مثلما فعل الملك العزيز خادم الحرمين الشريفين، أن يختار العلم والقلم للتكريم من دون أن يتغافل عن آليات الحكم الطبيعية وعدّتها الضرورية والحاسمة.
قال ويقول كثيرون، من الرواد الإعلاميين المخضرمين، إن سلمان بن عبدالعزيز، الأمير ابن السلالة التي حملت رسالة التوحيد، والذي كان بحكم هويته وإمكاناته قادراً على مقاربة الشؤون الشبابية المألوفة كيفما يشاء، أخذ منذ بداياته ذلك المنحى المختلف باتجاه الثقافة، وإيثار مُجالسة أهل القلم والرأي والحجّة والبيان، على غيرهم. وأظهر منذ فتوته وتفتّحه على الدنيا، ذلك الاهتمام الجدّي بصناعة الفكر، مستعيناً بذاكرة حيوية فوّارة ولا تنضب.. بل كثيرة هي الروايات والأخبار والسوالف التي تُروى عن مدى متابعاته الإعلامية وعن حجم التفاصيل التي يلمّ بها والأسماء الحاضرة (والغائبة) في الصحافة المكتوبة التي يعرفها، على وسع انتشارها العربي، من مصر إلى لبنان إلى الكويت والعراق وسوريا واليمن والمغرب العربي إضافة إلى السعودية بطبيعة الحال.
الملك سلمان، لا يختلف عن الأمير سلمان. أو هذه إحدى أبرز معاني رسالة تعيين الزميل الكفوء والدمث الدكتور الطريفي في منصبه الرسمي. كأن العاهل المأخوذ بمهامه الاستثنائية في مرحلة، يجمع القريب والبعيد، على اعتبارها استثنائية بدورها، وحيث التحديات الداخلية والخارجية غير مسبوقة، لا يتردّد لحظة واحدة في إظهار مدى الاهتمام الذي يوليه للإعلام وأهله، وصولاً إلى جعله عاملاً حيوياً متمماً لعوامل تكريس الاستقرار وتثبيت ركائز الدولة وتحصين الدروع في مواجهة التحديات الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية والمالية.. وذلك أمر ربما يكون عادياً وتلقائياً عند أي عهد حديث أو أي حكم وليد أو أي سلطة جديدة، لكن ليس بالطريقة التي اعتمدها الملك سلمان وحَرِصَ على إظهارها من خلال تسميته الدكتور الطريفي وزيراً في حكومته الأولى.
فهو (مجدداً) يظهر تقديراً مميزاً للمعطى الإعلامي ويجعل منه شأناً موازياً لغيره من الشؤون الاستراتيجية الخاصة بالحكم، ودلالة إلى ترشيق الإدارة في كل مستوياتها ووضع الثقة في الجيل الشاب لمواكبة ذلك الترشيق بما يخدم المملكة ومصالحها وشعبها ودورها الأكبر والأشمل والأوسع من حدودها الجغرافية.