استحضار موضوع إسرائيل راهناً فيه إيجابية واحدة والباقي سلبيات.
الإيجابية المفترضة هي أن ذلك الاستحضار لا يتم من باب الحرب ولا من طقوسها وآلياتها، إنما من باب دحش إسرائيل في «نقاش» غير ذي صلة، وللرد على اتهامات ووقائع بعيدة عنها جغرافياً وقتالياً ومنهجياً وسياسياً!
أمّا السلبيات فتبدأ من الافتراض بأن القرار الصادر عن الجامعة العربية بإدانة إيران وممارساتها وسياساتها المعلنة! والمكشوفة! والشفّافة! وإدانة أتباعها وخصوصاً «حزب الله».. إنما هو اشتباك فكري أو صراع أيديولوجيات وليس مبنياً على وقائع ثابتة، ولا ينكرها حتى أصحابها!
أو كأن قرار الإدانة ذاك، يخاطب موقف إيران و«حزب الله» من إسرائيل! أو أنّه بُني بمفعول رجعي ويتقصّد «معاقبة» مَن «قاتل» الإسرائيليين «سابقاً»! باعتبار أن الراهن يفيد بأنّ القرار 1701 أنتج، مثلما هو واضح، مرحلة هدوء غير مسبوق على الجبهة الجنوبية اللبنانية.. وكل المؤشرات والميدانيات والسياسات والتعبئات تقول من جهة المحور الإيراني، أنّ «الأعداء» صاروا في مكان آخر! وأنّ لا صوت يعلو فوق صوت المعركة معهم.. وهم، لمن ينسى أو يتناسى، العرب والمسلمون في سوريا والعراق واليمن ودول الخليج العربي!
ومرّة أخرى: ما علاقة الانقلاب الحوثي في اليمن بالقتال ضد إسرائيل؟! وما علاقة الاعتداء على السعودية أو البحرين أو الكويت أو الإمارات العربية المتّحدة بأجندة «محو إسرائيل من الوجود»؟! وما علاقة الجموح الهادر للتسلّط على العراق بكل مفاصله وتفاصيله بـ«المقاومة» ضد إسرائيل؟! وكيف تكون نكبة سوريا سعياً عظيماً لقتال إسرائيل؟!
ثمّ منذ متى تُجمع أدبيات «الجامعة العربية» ومقرراتها على استهداف لبنان أو أي طرف آخر لأنه «ضد إسرائيل»؟ أم أنّ جعبة التبريرات نشّفت وما عاد في الإمكان الردّ على الحقائق البغيضة، سوى بالعودة الى الاحتماء بالموضوع الإسرائيلي إيّاه؟! تماماً مثلما كان الحال على مدى السنوات الماضيات في لبنان، حيث نسبت معظم جرائم الاغتيال الى «العدو الصهيوني» برغم اتّهام الضحايا أصلاً بأنهم «عملاء» لذلك «العدو»؟!
على الموجة ذاتها جاء كلام الخارجية الإيرانية، المهين والمعيب. وخصوصاً في الخلاصة التي تنفي عن بيان الجامعة «أي قيمة» بحجّة «استناده الى أكاذيب»! ثم في نسبة «الجانب الكبير من مشاكل المنطقة» الى السياسة السعودية.. وكأنّ الوقائع التي استندت إليها الدول العربية تتصل باعتداءات وعمليات إرهابية سعودية جرت في إيران! وبتفريخ ميليشيات مسلّحة داخل مدنها! وبرمي صواريخ على عاصمتها! وبتدبير قلاقل وأزمات بين أقوامها! وبتدخل العرب والسعوديين في شؤونها وأمورها المحلية! وبحملهم أجندة تبشيريّة داخل مِللِها ونِحَلِها! وبإرسالهم «المستشارين» والمال والسلاح الى جماعاتها! أو بادعاء قادتهم أنّ لا شيء يُقرّر داخل إيران من دون إرادتهم!؟
.. ثم يحكي البيان الإيراني عن «أكاذيب»؟! ويُعاد استحضار الشمّاعة الإسرائيلية لتعلّق عليها كل المخازي والخطايا الذاتية، والتي في خلاصتها لم تخدم طرفاً بقدر ما خدَمَت إسرائيل!