IMLebanon

في «المصالح الإسرائيلية»

قول وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إنّ مصالح إسرائيل مأخوذة في الحسبان في قضية إقامة المناطق الآمنة في سوريا، يبدو تكراراً لا داعي له طالما أنّ استراتيجيات الكرملين وصاحبه فلاديمير بوتين، العامّة والعريضة والأكبر حُكماً من حدود النكبة السورية، لا تتخطى السقف الذهبي المتصل بإسرائيل و«امتداداتها» عبر العالم!

بل يبدو القول الخاص بحفظ المصالح والتطلعات و«الهواجس» الإسرائيلية على الخريطة السورية، تقزيماً للواقع القائم والمستجد بين تل أبيب وموسكو بعد انهيار الاتحاد السوفياتي والذي سبق لبوتين أن حكى عنه بلغة شاعرية و«حنونة» تخطّت السياسة والاقتصاد والمال والتجارة وشؤون الصناعات العسكرية، لتصل الى «الأواصر العائلية» المتينة والمميزة، المتأتية من حقيقة كون مئات الألوف من الإسرائيليين اليوم، هم روساً و«سوفيات» سابقين!.. والدم لا يصير ماءً!!

و«الرفيق» بوتين شاطر ومحنّك ويعرف بحكم مناصبه السابقة واللاحقة، ما لا يعرفه غيره على ما يبدو! ومن ذلك تحصين مسيرته للصعود من ضابط محطة استخبارات سوفياتية في ألمانيا الشرقية أيام الحرب الباردة، الى رئاسة بلدية سان بطرسبرغ ثم الى قيادة قلعة الكرملين، بشبكة علاقات ودوائر وشخصيات حميمة الصلة بإسرائيل! ومنها وعبرها، بكل مَن له نفوذ وحظوة عندها، أكان في نيويورك أم في واشنطن أم في بعض أوروبا الغربية!

وهذه (ربما) قد تفسّر، بعض جوانب الأداء الأميركي، «التساهلي» إزاء المطامح الروسية، منذ أيام جورج بوش الابن الى باراك أوباما الى دونالد ترامب، باعتبار أن التقاء الطرفين عند النقطة الاسرائيلية، يختصر المسافات السياسية والتنافسية بينهما، ويقزّم الكثير من نقاط الاختلاف، بل يضعهما على منصّة واحدة أكبر وأهم من سائر المنصّات التي قد تفرّقهما إزاء هذه القضية الدولية، أو تلك!

والمنصة السورية، دلّت وتدلّ على أشياء كثيرة متأتية من تلك العلاقة وحقائقها ووقائعها.. ولم يكن الأمر مموّهاً بأي ستار أو شعار. بل أخذ من اللحظات الأولى، جانب الوضوح التام والمكشوف. ومنذ انطلاق «عاصفة السوخوي» في أيلول عام 2015 وموسكو تقول وتردد القول، بأنّ خيوط التنسيق العسكري المباشر مفتوحة على مدار الساعة مع الإسرائيليين! وإنها «تتفهّم تماماً» مصالحهم وسياساتهم. بل يتذكّر كثيرون «إقرار» «الرفيق» بوتين، في شهر كانون الأول 2015 بـ«حقهم في الدفاع» عن تلك المصالح غداة الغارة التي قتلت الأسير السابق سمير القنطار في دمشق!

بل ما لا ينكره أحد، هو أنّ الطيران الحربي الإسرائيلي، شنّ في ظلّ «عاصفة السوخوي» وعلى امتداد أشهر طويلة، سلسلة من الغارات القاتلة على أهداف إيرانية وتابعة لـ«حزب الله» في الداخل السوري، لم يسبق لها عدد أو مثيل، منذ حرب العام 1973!

قيل سابقاً ويُقال مجدداً، وسيبقى يُقال، إن البعد الإسرائيلي في السياسة الروسية في سوريا تحديداً، هو أمرٌ لا تريد دوائر الممانعة الإيرانية وتوابعها الإضاءة عليه، ولا حتى مجرّد الإشارة إليه! باعتبار أن الأهم عندها هو «مركزية» الحرب ضد الأكثرية العربية السورية ولا تهمّ التفاصيل اللاحقة! وخصوصاً إذا كانت من النوع الذي يكشف القعر الذي بلغته تجارتها السياسية والإعلامية بفلسطين وقضيّتها!