يتبلور المشهد الانتخابي في دائرة صيدا – جزين عندما يحسم تيار المستقبل أسماء مرشحيه وتحالفاته. وحدهما أسامة سعد وإبراهيم عازار حسما تحالفهما في انتظار حسم هوية زميلهما الكاثوليكي خلال أيام قليلة. عونياً، لا يهدأ النائب زياد أسود في المنطقة، فيما يتابع زميله النائب أمل أبو زيد جولة حثّ للناخبين في أوروبا وينتظر جاد صوايا وسليم الخوري قرار القيادة البرتقالية باختيار أحدهما عن المقعد الكاثوليكي
تمثال النائب في عهد المتصرفية سليمان بك كنعان القطار وازدحام صور السياسيين والرايات الحزبية عند مدخل سوق السد التراثي في جزين، يختصران ماضي عروس الشلال وحاضرها. الشوارع والساحات والأسطح تتسع لصور الخصوم والحلفاء. في حيٍّ واحد، تتجاور مكاتب الكتائب والقوات والتيار الوطني الحر.
قبالة منزله، ترتفع صورة النائب زياد أسود مذيلة بعبارة: «حبيب الكل». فوقها، تتدلى صورة للنائب سامي الجميِّل، مذيلة بعبارة «مستحق». على بعض واجهات المحالّ العتيقة في السوق، تتبدى صور النائب الراحل سمير عازار ونجله المرشح إبراهيم عازار، وهي مرفوعة منذ سنوات. تقول صاحبة الفرن إن جزين تتسع للجميع. تكيل المديح للجميع، قبل أن تكشف إنحيازها إلى جارها «النمر الأسود»، أي زياد أسود.
أمام المقهى الجزيني المعروف، يجلس عدد من الرجال. بعضهم يستغل حرارة شمس آذار. يقول أحدهم: «الله يمرقها على خير. إنها حروب الآخرين على أرضنا». جاره يردد: «جزين لأهلها»، مستنبطاً شعار رفعه تيار المستقبل في الانتخابات البلدية الأخيرة، للتلميح إلى «دعم الرئيس نبيه بري لعازار بوجه العونيين».
في المنزل الواقع في قلب جزين، الذي يزيد عمره على مئة عام، أعلن آخر ورثة عائلة عازار، إبراهيم عازار، ترشحه الثاني عن المقعد الماروني في جزين. عندما ترشح في عام 2016 للانتخابات الفرعية، لم يكن والده موافقاً على خطوته. الأخير اعتكف عام 2009 بعد هزيمة لائحته المدوية أمام لائحة العونيين، برغم دعم بري له. عازار الابن يرفض الاستسلام. الصياد الماهر الذي حصد 7759 صوتاً في أولى معاركه في قضاء جزين وحده، تجده أكثر حماسة لمعركة دائرة صيدا – جزين. يقول إنه «المرشح الجزيني الوحيد غير المضطر إلى الترويج لنفسه في عاصمة الجنوب، حيث عاش جده ووالده، وأيضاً في جبل الريحان الذي ارتبطت عائلته به من خلال خطاب معتدل ووطني جامع».
يتحمّل الابن الوحيد وزر الشائعات التي تلاحق والده الراحل سمير عازار برغم موته، من التشكيك بالخدمات التي قدمها إلى منطقته، وصولاً إلى التشكيك بنزاهته. «من يملك دليلاً، فليقدمه أو فلينظر إلى المستشفى والمدارس ومبنى السرايا والبنى التحتية والطرقات والآبار التي أنجزت بمسعى من سمير عازار، برغم تزامن سبع سنوات من نيابته مع الاحتلال الإسرائيلي». مع ذلك، سيخرج من جلباب أبيه ويحقق إنجازات خاصة به أبرزها حلمه بافتتاح معامل توفّر فرص عمل وتمنع النزوح والهجرة. رصيد والده أثمر جزئياً عام 2016، عندما اقتصر التصويت الشيعي في جبل الريحان على مناصري حركة أمل. هذه المرة، ينتظر إبراهيم عازار أن يثمر بشكل كامل بتصويت جمهور حزب الله له أيضاً.
الارتياح الذي يعتري خطوات عازار نحو النيابة مدعوماً من سعد الحريري وحزب الله وأمل، يقابله ارتباك عوني في تحديد المرشحين والتحالفات. بعد ساعات من إعلان عازار ترشحه، عقد المرشح عن المقعد الكاثوليكي جاد صوايا جلسة في منزله في كفرحونة. شرح لمناصريه ملابسات استبعاد قيادة التيار الحر له من لائحتها، قبل أن يطلب رئيس التيار منه ومن زميله سليم الخوري الترشح الجمعة الفائت. وفق أحد المشاركين في جلسة كفرحونة، أعلن صوايا أن رئيس التيار جبران باسيل هو الذي طلب منه الترشح على سبيل الاحتياط إذا وجد التيار مصلحة في خوض الانتخابات بثلاثة مقاعد (مارونيان وكاثوليكي)، علماً أن رئيس الماكينة الانتخابية في التيار نسيب حاتم، كان قد أعلن أن التيار سيحصر معركته بالمقعدين المارونيين، باعتبار أن التحالف المحتمل مع تيار المستقبل كان يقتضي التخلي عن المرشح الكاثوليكي. فضلاً عن أن المرشحَين المارونيَّين أمل أبو زيد وزياد أسود يملكان حظوظاً أكبر من حظوظ صوايا والخوري اللذين يملك كل منهما أصواتاً تجييرية تقدر بألفي صوت.
يوم الجمعة الفائت، اختتم أمل أبو زيد وزياد أسود جولة على القوى الصيداوية للبحث عن تحالف انتخابي مربح. في نهاية الأسبوع، استقلّ أبو زيد طائرته الخاصة، وبدأ جولة أوروبية. يقول أحد أعضاء الماكينة العونية إن انتخابات جزين ستشهد استعانة بالمغتربين الذين سيؤمن سفرهم على نفقة التيار كما حصل في انتخابات 2009 و2016، بعد أن بلغ عدد الجزينيين الذين سجلوا أسماءهم في سفارات العالم 1448 مغترباً فقط، منهم 162 شيعياً.