سلكت المعركة الإنتخابية في مدينة جونية طريق المواجهة الحادّة بين «التيار الوطني الحرّ» و»القوّات اللبنانية»، ولم يعد هناك مجال للرجوع الى الوراء حيث يتمسّك كل طرف منهما بدعم لائحة معيّنة، وستشكل جونية أقسى ساحات المواجهة بين الحليفين المفترضين.
المعركة على أشدها في جونية، الماكينات الانتخابية للائحتين المتنافستين بدأت العمل على قدم وساق، والجميع متوجّه يوم الاحد الى الانتخاب من دون الالتفات الى الوراء.
فلا مجال وليس هناك من وقت كاف للتوافق التام بعد الاصطفافات الحادة التي فرّقت الحليف عن حليفه، وأبعدت الأخوة وشرذمت الأصوات وغيّرت المشهدية السياسية لا سيما بعد المصالحات المفترضة في المدينة.
ساهمت إتصالات مساعي اللحظات الأخيرة في توافق لائحتي «مسيرة عطاء» برئاسة فؤاد البواري ولائحة «جونيه التجدد» برئاسة فادي فياض،
فاتّحدا في لائحة واحدة ترأسها البواري على أن يكون فياض نائباً للرئيس. إلّا أنّ الرئيس السابق لبلدية جونية جوان حبيش بقي خارج التوافق العام.
ضمت اللائحة الاولى برئاسة البواري «القوات اللبنانية» من جهة وعائلة افرام الوازنة سياسياً في منطقة جونيه من جهة اخرى، والتي ترأس انطوان افرام رئاسة بلديتها في السنوات الست الماضية، كما تتسلّح اللائحة الاولى بدعم وازن من آل الخازن الموصوفين بباعهم الطويل في العمل السياسي العريق في المنطقة بالاضافة الى دعم آل البون وتحديداً النائب السابق منصور البون الذي يحسب له وللأصوات التي يجيّرها حساب كبير في المنطقة.
امّا اللائحة المقابلة فهي لائحة «كرامة جونية» برئاسة حبيش الذي يتسلّح بشخصه اولاً، وبمجموعة من عائلات جونية وبدعم من «التيار الوطني الحر» وحزب الكتائب وحزب «الوطنيين الاحرار» وحزب «الوعد». وفي هذا السياق يشرح حبيش أسباب رفضه التوافق في مدينة جونية.
ويقول لـ«الجمهورية» إنّ «التوافق الذي طرح كان يهدف الى إبعادي عن رئاسة البلدية لقاء وعد بأيّ مركز ثاني، أكان نيابياً أو وزارياً، وهذا كان شرط عائلة افرام للتخلي عن تأليف لائحة للبلدية والتنازل للجنرال ميشال عون وحده لتأليف اللائحة المناسبة».
ويؤكّد حبيش انه «حتى الساعة لم يقل لي أحد سبب إصرار عائلة افرام على إقصائي عن البلدية ووضع «فيتو» على إسمي، ولم يفسّر لي أحد هذا الأمر سواء من عائلة افرام أو من أوساط الجنرال عون».
إلّا أنّ حبيش يقول انه على «رغم ذلك قَصَدتهم وحضرت بعض الاجتماعات وأعطيتُ مجالاً للتوافق الذي يجب أن يضم جميع الاطراف. ولانّ ذلك لم يحصل، شكّل بعض المعترضين في المقابل لائحة «بلوك» من البون والخازن في وجه اللائحة التوافقية، وهو الأمر الاول والأساسي الذي عطّل العملية التوافقية وألغاها خصوصاً انّ الشارع والمجموعات الشبابية التي لديها رأي في محاسبة البلدية الحالية رفضت ان يتمّ التوافق بين الزعماء السياسيين وأن يسقط القرار عليهم من فوق من دون ان يكون لهم رأي فيه، فرفضوا الأمر».
ويضيف: «في الـ2010 شكّلت لائحة وخضتُ معركة انتخابية مشرّفة حصلت فيها على 46 في المئة من عدد الناخبين، امّا الذي عدّل المعركة وأدارها صوب الضفة الثانية فهو صناديق المجنسين والذين أتوا بالباصات لينتخبوا لقاء أمر معين، ويومها كان التحالف السياسي الشامل على الارض يُلزّم آل افرام بلدية جونيه لست سنوات».
لا عودة الى الوراء
يؤكّد حبيش أنه «لا مجال للرجوع الى الوراء، وقد أتممنا جميع الاستعدادات للتوجّه يوم الأحد المقبل الى المعركة»، متمنياً «من الناس التي أسمعت صوتها خلال السنوات الست الماضية أن تختار مَن يمثّل لها آمالها في اختيار بلدية تعطيهم حقوقهم من دون منّة لأنه واجب عليها».
«الكتائب اللبنانية»
وبالنسبة الى الكتائب، يؤكد المنسق العام في إقليم كسروان الكتائبي شربل سلامة لـ»الجمهورية» انّ «الكتائب اختارت التوافق مع جوان حبيش وانضمّت في شراكة كاملة معه على مستوى البلدية لأنه منذ بدء المعركة الانتخابية كان على تواصل شبه يومي مع الكتائب وكانت عروضه للحزب جيدة وهو مؤمن بأنّ حزب الكتائب سيكون ساعده الأيمن في هذه المعركة، أي انه عرض عليهم الشراكة الحقيقية فلم يشعروا بأنهم مستغيبون».
ويضيف: «امّا في الجهة المقابلة فلم يشعروا انّ هناك تركيزاً على الدور الذي يمكن ان تؤديه الكتائب بل كان الشباب يتقاسمون الحصص فيما بينهم على رغم أنهم شباب طيّبون وقريبون منّا وقد عقدنا سويّاً لقاءات في بكفيا، إنما شعرنا بأنّ وضعية اللائحة غير ثابتة في وقتها على رغم انهم أشركونا في محادثات اللقاءات التوافقية.
فشعرنا بأنّ شراكتنا مع حبيش متينة اكثر، وبالنسبة لنا كان هناك أمران مهمان: مشروع البرنامج الانتخابي، والشراكة. فشعرنا انّ كلّ شاب في اللائحة المقابلة لديه مشروعه الخاص، وهم يدمجون عدة مشاريع ضمن مشروع واحد، لهذا اخترنا ان نكون مع حبيش نحن و«التيار الوطني الحر».
ويكشف سلامة انّ «الكتائب حاولت العمل بصمت، الأمر الذي ميّزها عن غيرها. وحاولت في المرحلة الاولى إنجاح التوافق والالتزام فيه ولو انه كان على حسابها على المستوى التمثيلي، لكنها وعند فشل الوفاق عادت الى الساحة مع محاولات حثيثة للحفاظ على العلاقات الشخصية بين افراد اللائحتين المتنافستين»، مضيفاً انها «على علاقة جيدة مع اللائحة المضادة ايضاً على رغم دعمها للائحة كرامة جونية، وانّ الاتصالات ما زالت طبيعية ومستمرة معهم حتى الساعة على رغم التنافس البلدي».
إلّا أنّ الجدير ذكرُه أنّ التململ في صفوف الأحزاب الداعمة للّائحتين المتنافستين قد يشكّل مفاجآت غير متوقعة في صفوف القيادة بعد تناقلِ أحاديث عن المواطنين في المدينة الخضراء بأنّهم هذه المرّة لن يلتزموا باصطفافات قادتِهم لمعارك البلدية ولن ينجرّوا للبصمِ من دون التبصّر، بعد أن أدركوا خلال السنوات الماضية من يستحقّ بجدارة قيادة الدفّة في خليج جونية.