من الطبيعي ان تتلقف الساحة المسيحية القانون النسبي الجديد الذي تم اقراره للمرة الاولى في تاريخ لبنان بسلسلة من الاسئلة حول الاهداف من اقراره واذا ما كان يخدم المصلحة المسيحية واعادة التوازن والشراكة الى المجتمع اللبناني بكامله. وكثيرة هي ايضاً القراءات والاستنتاجات حول توزع مراكز القوى داخل الاحزاب والتيارات المسيحية وفق الاختلافات القائمة بين المؤيد والمعارض للنهج المتبع في السياسة العامة لادارة البلاد، وخصوصاً لناحية القانون الانتخابي الجديد المفترض ان يحدد الزعامات المسيحية تدريجياً من الاقوى الى ما دونه.
وتعتبر اوساط سياسية نيابية ان القانون بحد ذاته وان كان جديداً على الطبقة السياسية عموماً والمسيحية خصوصاً، الا ان الاهم هو عملية شبك التحالفات وتشكيل اللوائح حيث اصبحت اللعبة تشبه الى حد كبير مسألة حل الكلمات المتقاطعة وليس من السهل ابداً تأليف لائحة متجانسة يمكن ان يكتب لها النجاح بكاملها كما كان يحدث مع قانون الستين، وترسم هذه الاوساط خريطة لما يمكن ان يحدث في دائرة كسروان ـ جبيل حيث اجريت في العام 2000 معركة وفق القانون الاكثري.
هذه الاوساط تستبعد مبدأ المقارنة بالشكل ليس على خلفية تراجع احد او تقدم الآخرين كما حصل مع التيار الوطني الحر لدورتين متتاليين انما وفق التصويت الاكثري على كل قضاء وحده، وتقول ان القانون النسبي فيه الكثير من التغييرات البنوية وما كان يصلح في العام 2000 ان من حيث التحالف وتشكيل اللوائح لا يصح اطلاقاً على مجرى المعركة الحالية التي اضيف الى نسبيتها مبدأ الصوت التفضيلي الذي في مطلق الاحوال سوف يكون سعره مختلفاً ليلامس ما كان يجري وفق القانون الاكثري وهو قانون كامل الاوصاف بالرغم من بعض الاعتراضات الهامشية عليه، وخصوصاً من حزب الكتائب اللبنانية التي ترى هذه الاوساط انها غير مطابقة للواقع خصوصاً وان النقلة من الاكثري الى النسبي مع هوامش قليلة من الاخطاء لا يمكن الاعتداد بها وكان الاجدى بالكتائب وفق هذه الاوساط ان لا تستعمل لغة السقف العالي لعلمها ان القانون قد اقر، الا اذا كان الهدف كسب الاصوات على طريقة ان المعارضة دائماً على حق.
ولكن تلفت هذه الاوساط الى ان الكتائب ووفق قاعدة رفع الصوت خصوصاً داخل المجتمع المسيحي لا يبدو المراد منه اعطاء «الكوتا النسائية» فقط، لان الامر بدأ منذ بداية عهد الرئيس ميشال عون حيث بقي خارج الحكومة بالرغم من الاصرار عليه بالدخول اليها وهذا يفسر امراً آخر يصل الى مرتبة استقطاب الاصوات خصوصاً ما جرى مع رئىس الحكومة سعد الحريري خلال جلسة اقرار القانون حيث كانت اللحظة مناسبة لزيادة منسوب التعبئة الشعبية تمهيداً للمعركة الانتخابية ولكنها لا تبدو انها سلكت دربها نحو النجاح.
وصحيح ان القانون النسبي الجديد ليس كتاباً منزلاً انما قاعدة التوافق الذي يعيش من خلالها لبنان كانت وستبقى، بحسب الاوساط، وهذا هو رئىس تيار المردة النائب سليمان فرنجية اعلن رضاه الكامل على هذا القانون الجديد بالرغم من ضم بشري القواتية بالكامل والكورة المتنوعة الولاء والبترون ذات الثقل القواتي ـ العوني وزغرتا التي يحتل فيها فرنجية المركز الاول في النتائج، ولكن ما ليس طبيعياً في الامر بمجمله ان الساحة المسيحية هي الحلبة الاكثر سخونة خلال ايار المقبل من العام 2018 مع وجود ثبات شيعي وشبه توازن مستقبلي وعدم انزعاج درزي.
اذاً، المعركة الحقيقية تكمن في زوايا الدوائر المسيحية بشكل حصري حيث من المفترض ان تشهد دائرة كسروان ـ جبيل لائحتان اساسيتان الاولى من المفترض ان يشكل عصبها الثنائي المسيحي والثانية من المستقلين على حدّ قول الاوساط، ولكن هذه الاخيرة غير واضحة المعالم مع رمادية دخول النائب الاسبق منصور البون وما يحمله من ثقل شعبي واسع في اي لائحة، فعلاقته مع التيار والقوات جيدة ومع المهندس نعمت افرام وزياد بارود وفريد هيكل الخازن ممتازة، الا ان القانون النسبي وان كان جديداً على البون، الا ان هناك حاجة واضحة له في كلا اللائحتين، هذا اذا لم يتم تشكيل لائحة ثالثة باستطاعتها خدمة الثنائي المسيحي، ومع غياب منصور البون في الخارج يبدو حسب آخر نهفة انه يحاول التفتيش عن حلول لتعقيدات النسبية بعيداً عن البلد.
ولكن على من ستقع مسؤولية تشكيل اللوائح في هذه الدائرة؟ هذه الاوساط ووفق الشواهد فان العميد شامل روكز سوف يتولى تشكيل اللائحة مع بعض المساعدة والمؤازرة من الوزير جبران باسيل، ذلك ان غياب اي مرشح في التيار الوطني الحر يحمل البطاقة الحزبية سوف يشكل احراجاً امام تقديم القوات اللبنانية مرشح قيادي حزبي في المنطقة واقل المرتجى اعتماد مبدأ المساواة الحزبية على ان تبقى العين مسلطة على قضاء جبيل حيث تبدو بعض النتوءات الضيقة في التنافس بين اعضاء التيار الوطني الحر والنواب الحاليين لخوض معركة تخلو من الضجيج الداخلي نظراً لحساسية هذا الاستحقاق.
وفيما اعلن النائب السابق الدكتور فارس سعيد ترشحه واستعداده للمعركة وفق عنوان الوقوف في وجه حزب الله، فمن الطبيعي ان يلزمه شريك او مرشحان آخران يحملان نفس الهدف، وهذا يبدو حسب هذه الاوساط مستبعداً في لوائح اسماء المعروفين على الساحة ولكن هل يفعلها رئىس بلدية جبيل زياد الحواط ويستقيل من البلدية؟ حسب ما يتردد ان الرجل نفسه طلب ذلك مع بعض الاعوان مع نصائح مقابلة بعدم خوض هذا الغمار، الا اذا تم تشجيعه من قبل مرجعية رئيسية في البلاد لخوض المعركة ضد الثنائي المسيحي مع العلم ان لا مرشح للقوات في جبيل من الساعة ولا احد يعرف اذا ما كانت القوات ستشجعه في هذا المجال لا شك ان عامل الحيرة يتحكم بجميع المرشحين في هذه الدائرة ولا احد قادر على رسم خريطة للمعركة في هذه المنطقة المسيحية.