IMLebanon

في اجتماع لوزان

نعى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اجتماع لوزان الخاص بالنكبة السورية، المرتقب اليوم، قبل أن يبدأ.. وأرجع ذلك إلى أن موسكو «لم ترَ بعد أي خطوات من شركائها الغربيين».

وتلك تكتيكات مفهومة لمن يذهب إلى مفاوضات أو محادثات «غير ودية»: يرفع سقف مواقفه سلفاً ثم يبدأ بالنزول تحته. علماً أن وضعية نظيره الأميركي جون كيري ليست مريحة بدورها، تبعاً للسقف الذي وضعه مستر أوباما وحدد بموجبه التعامل مع النكبة السورية وفق قياسات سياسة وديبلوماسية، ووضع عنواناً رنّاناً ومفذلكاً لتلك الكارثة هو «القيادة من الخلف»!

الجامع بين الموقفين الروسي والأميركي هو العجز.. ثم انتظار الخطوة التالية من الطرف الآخر. لكن الفارق بين العجزين جذري: موسكو ترى نفسها بعد أكثر من عام على حملتها العسكرية (الهمجية بكل حال!) عاجزة عن توظيف ثقلها الناري في غير موضعه، بحيث إن الغربيين عموماً والأميركيين خصوصاً مصرّون على فك الارتباط بين الجبهات! سوريا شيء (وغير مهم!) وأوكرانيا والقرم والعقوبات التي فُرضت على فلاديمير بوتين وبلاده وحاشيته (المالية) المباشرة، شيء آخر تماماً (ومهم!)!

ويُضاف إلى ذلك أن هؤلاء الغربيين منكبّون، أو هكذا يُقال (؟) على مراجعة تفويضهم المحدود للروس في الموضوع السوري، تبعاً لشطط خطير خارج حدود ذلك التفويض، في موازاة حالة ميدانية شديدة التعقيد. بحيث إن ثوار سوريا في شرق حلب مثلاً أظهروا بأساً كبيراً. وأكدوا أنهم ليسوا لقمة سائغة أو سهلة البلع والهضم! وكثرة التقتيل في بيئتهم الحاضنة لم تؤدِّ إلى زعزعتهم بقدر ما انعكست على المرتكب والمجرم والسفّاح الروسي! أي أن اعتماد الشيشنة لم يجعل من حلب غروزني أخرى، من جهة، ولم يفسح المجال أمام إبقاء الشخير هو الصوت الوحيد الخارج من غرف قرار (نوم!) القادة الغربيين من جهة أخرى!

عجز واشنطن من نوع آخر، وهو ذاتي القرار أكثر من كونه وليد موازين القوى وخرائط المواجهة. بحيث إن الخيار العسكري غير محسوم، (أقله حتى يوم أمس!)، في حين أن الأخذ به لا يتلاءم مع استراتيجية الانكفاء وإبقاء سوريا في الفرن بانتظار تسجيل شيء حاسم في «الحرب على الإرهاب»، مثلما أنه لن يؤدي سوى إلى لجم الاندفاعة الروسية – الإيرانية الراهنة مرحلياً وليس أكثر من ذلك!

واجتماع لوزان بهذا المعنى هو حاجة أميركية بقدر ما هي روسية. باعتبار أن إدارة مستر أوباما تتجه إليه علّه يجنّبها خيار الضربة العسكرية المحدودة لمواقع الرئيس السابق بشار الأسد، من خلال «إقناع» الروس أخيراً بضرورة العودة إلى سلوك طريق «الحل السياسي»، في حين أن موسكو تريد منه تبريد الأجواء الإعلامية والسياسية الغربية التي ارتفعت حرارتها كثيراً جرّاء الفظاعات القروسطية، التي يرتكبونها ضد المدنيين السوريين، في الربع الأول من الألفية الثالثة!.

في الطريق إلى لوزان، خرج لافروف رافعاً سقف المناورة سياسياً ومستنداً إلى رفع وتيرة القصف الجوي ميدانياً. وخرج كيري مسلّحاً باجتماع أوباما مع خلية «الخيارات المفتوحة» في واشنطن.. والطرفان يحضران وفي جعبة كل منهما سؤال عن الخطوة التالية للطرف المقابل.. لكن أياً تكن تلك الخطوة، فهي لن تعدّل وضعية العجز المزدوج إزاء النكبة في مجملها، وإن كانت ستؤكد أن حلب الشرقية لن تسقط! أو بالأحرى ممنوع أن تسقط!