المعركة طاحنة في جنوب سوريا.. لكن ليس في الجولان ولا مع الإسرائيليين وإنما لـ»تحرير» القرى والبلدات والتلال والطرق التي احتلتها المعارضة على مدى الشهور الماضية.
والمهمة دقيقة واستراتيجية وحسّاسة وحاسمة! ولذلك وضعت قوى المحور الممانع وتضع، كل جهدها لتنفيذها وتسجيلها في لائحة انتصاراتها التاريخية أو تلك المركونة في خانة فوق بشرية، طالما أنها معركة في سياق الحرب الأساس الآيلة الى «تحرير» سوريا من أهلها!
ويتبيّن اليوم، مثلما ساد الظنّ بالأمس، ومثلما سيتأكد في آتي الأيام، أن الجولان بما هو خط تماس مع إسرائيل، ليس مشمولاً بالحسابات الممانعة لا من قريب ولا من بعيد، لا الآن ولا في غدٍ آت، مثلما لم يكن في أمس «البعث» الأسدي… وأصاب مَن افترض غداة غارة القنيطرة الإسرائيلية في الشهر الماضي، والرد عليها من شبعا بعد نحو عشرة أيام، أن ذلك التطور المزدوج كان رمية خارج السياق: لا الجنرال الإيراني الذي قضى في الغارة كان في مهمة تتصل «بالنزاع المصيري مع الصهاينة»، ولا «حزب الله» كان يدرس طبيعة الأرض في سياق ترجمة التهديدات بإطلاق «المقاومة لتحرير الجولان السليب»، بل ان الأمر في جملته كان في سياق التحضيرات الميدانية لما يحصل راهناً باتجاه الداخل السوري وليس باتجاه الخارج الاسرائيلي.
الأولوية هي للحرب الداخلية المقدسة! حرب الحواسم. ولا شيء يعلو عليها ولا شيء يقف في وجهها. وهي متصلة ببقاء أو فناء سلطة بشار الأسد، بما يعنيه ذلك من بقاء أو فناء ما استثمرته إيران على مدى العقود الماضية في سوريا، ومن خلالها في لبنان. وبالتالي، يخطئ كثيراً وطويلاً من يعتقد لحظة واحدة، ان الحسابات الممانعة، طالما انها صارت حسابات إيرانية خالصة، تلحظ في أي فاصلة، احتمال تعريض تلك المصالح لأضرار كاسحة من خلال فتح جبهة قتال ضد إسرائيل!
أمَّا كيف وصلت «أمورنا» الى حدّ استبدال شعب سوريا بالإسرائيليين، وحلب بالجولان، والداخل العربي والاسلامي بالخارج «الصهيوني الأميركي» الإبليسي والشيطاني، فذلك سؤال في عهدة العصر الإيراني الحديث، وجوابه واضح من حوافي القنيطرة الى دوما الى تخوم القلمون! ومن فتنة الحوثيين في اليمن الى ممارسات «الحشد الشعبي» في العراق!.
وعلى الهامش ملاحظة في المتن، وتذكير بالحكمة الخالدة: ما من خارج يربح حرباً في داخل غيره، من فيتنام الى أفغانستان!