كم كان الزميل جبران غسان تويني الذي اغتالته يد الغدر في ١٢ كانون الاول (ديسمبر) ٢٠٠٥ سيفتخر بشهادة خاله الوزير مروان حمادة أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي، وهو يسرد باتقان وجدية الظروف السياسية التي سبقت اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومسلسل ضغوط بشار الاسد ونظامه على الحريري وشهداء لبنان. فقد شاء القدر ان يكون مروان أول من تلقى الضربة التي نالت في ما بعد من حياة الرئيس الحريري وجبران تويني وسمير قصير وغيرهم واللائحة طويلة. ولحسن حظ لبنان وأصدقاء ومحبي مروان (وهم كثر) فقد نجا من محاولة اغتياله بعد سلسلة عمليات جراحية. وامس استمعت المحكمة الدولية الى شهيد حي يؤكد امراً معروفاً من الجميع، وهو ان من لم يتحمل رغبة الحريري في تحرير بلده من الوصاية السورية لم يتحمل ايضا قلم وصوت جبران وسمير اللذين تم تفجيرهما مثل باقي شهداء لبنان.
مروان حمادة اعطى صورة واضحة امام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان عن اسلوب النظام الذي يعتمد باستمرار التهديد والابتزاز والقتل. وهو نفسه الذي يجيد استخدام ذلك الآن مع شعبه حيث الوحشية واعمال القتل مستمرة في لبنان وفي سورية. واليوم ونحن نفتقد بألم وشوق الزميل جبران الذي استهدفه هذا النظام لانزعاجه من قلمه واطلالاته التلفزيونية ينبغي ايضاً ان نفكر في العسكريين الـ ٢٥ المخطوفين ونطرح السؤال على «حزب الله» اذا كان يفكر بأمهاتهم وبوالدة الدركي الشاب علي البزال الذي قتل بوحشية على يد ارهابيين تغلغلوا في سورية بفضل نظام ساهم في استخدامهم ثم استفاد من وجودهم ليقول للغرب انه افضل من هؤلاء الوحوش.
فلولا تدخل «حزب الله» في الحرب السورية الى جانب النظام لما تم هذا الخطف الذي أدى الى مقتل الدركي الشاب. ان ألم وحزن والدة علي البزال وصرخات باقي امهات وأهالي المخطوفين من الجيش اللبناني هي ألم لكل مواطن لبناني يرى بلده ينزلق في مآس يومية نتيجة ممارسات النظام السوري الذي لم يتمكن من الاستمرار من دون حليفه «حزب الله» الذي يرسل ابناءه للقتال الى جانب النظام ضد الشعب السوري. فاي مقاومة هذه التي تقاتل شعباً شقيقاً وتضع ابناءها في خطر. واليوم وذكرى جبران تويني في الاذهان وفي قلوب الزملاء والاصدقاء الذين عملوا معه وفيما تستمع المحكمة الدولية الى شهادة مروان حمادة، تستحق قضية العسكريين المخطوفين يقظة ولاء للبنان من قبل حزب ولاؤه الاول هو للنظام الايراني ورغباته. فـ «حزب الله» يرسل ابناء لبنان الشيعة للموت في سورية كما انه يضع حياة العسكريين في خطر دفاعاً عن نظام مجرم يقتل ابناءه في سورية. فما هي فائدة هذا الحزب اذا استورد الى الاراضي اللبنانية الصراع السوري؟ ان كارثة ابناء العسكريين المخطوفين ينبغي ان تشهد حلاً سريعاً ولكن في الوقت نفسه حان الوقت كي يعي «حزب الله» مسؤوليته تجاه البلد الذي يمثل فيه جزءاً من الشعب اللبناني. ولا شك ان الحوار بينه وبين خصمه الرئيس سعد الحريري سيركز على موضوع ملء الفراغ الرئاسي وسيساهم في تهدئة الجو المشحون بين الشيعة والسنّة، ولكن الأهم ان يعي هذا الحزب ان مصلحته تكمن في اعادة النظر في ولاءاته وتحويلها من ايران ورغباتها الى لبنان أولاً وأخيراً.