IMLebanon

في الحركة بركة

يتمثّل الرئيس نبيه برّي بالمثل اللبناني الدارج في الحركة بركة ولو لم تؤدِ إلى النتائج المطلوبة في بعض الأحيان لعدة أسباب منها عدم توافر المعطيات الكافية أو بسبب تغليب المصالح الذاتية على المصلحة الوطنية، أو لأسباب خارجية لا يد له فيها للمبادر، ولأنه كذلك لا يفوّت فرصة إلا ويطرح فيها مبادرة تحرّك المياه الراكدة، وتخلق مناخات إيجابية تُعيد التواصل المقطوع بين الأفرقاء المتنازعين في ما بينهم على المصالح الذاتية من مبادرة هيئة الحوار الوطني التي ما زالت تحاول من خلال اجتماعاتها التي لم تنقطع رغم التباعد العامودي بين مكوناتها التفاهم على قواسم مشتركة للخروج من الأزمات المتراكمة والمعقّدة، من الأزمة الرئاسية إلى أزمة قانون الانتخابات، الى مبادرة إجراء إنتخابات نيابية على أساس قانون جديد يتم الاتفاق عليه إلى مبادرته الأخيرة إحياء الحوار بمفهوم إيجابي لتلزيم بلوكات النفط والغاز وهي ثروة كبيرة تُخرج لبنان من كل أزماته المالية، وتضعه في مصاف الدول النفطية بعدما توقف نتيجة اعتبارات تتعلق بالمصالح الذاتية لا الوطنية وقبلها مبادرة سلّة التفاهم الواحدة، على المواضيع الخلافية من قانون الانتخاب النيابي إلى الانتخابات الرئاسية إلى حكومة ما قبل وما بعد هذين الاستحقاقين المهمّين والأساسيين لانتظام عمل المؤسسات ومعه انتظام العمل السياسي المتعثّر حتى الآن والذي يصبّ في اتجاهات مختلفة لا علاقة لها بالمصلحة الوطنية.

وقد لقيت حركته الأخيرة التي هدفها أولاً وآخراً مصلحة لبنان والمتعلقة بتحريك ملف الثروة النفطية ووضعه على نار حامية حتى يستفيد منه لبنان في كل المجالات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والتنموية، وكان العماد ميشال عون هدف هذا التحرّك كونه صاحب النظريات التي أدّت في السابق إلى تجميد هذا الملف وفتح شهية العدو الإسرائيلي لسرقته حتى لا يستفيد منه لبنان وشعبه، بصرف النظر عن الحساسيات بين الرجلين اللذين ينتميان في الأساس إلى تحالف واحد وربما إلى خط سياسي واحد مربوط بخط حزب الله.

وحسب ما صرّح به صهر العماد الوزير جبران باسيل بُعيد لقائه الرئيس برّي، فثمّة اتفاق تمّ بينهما على تقريب وجهات النظر والتسريع في تلزيم ملف التنقيب عن الثروة النفطية على الشواطئ اللبنانية في أقرب وقت بدءاً من منطقة الجنوب وعلى أساس تلزيم البلوكات التسعة دفعة واحدة انطلاقاً من جنوب لبنان وليس من شماله كما كان يتمسك جبران باسيل منذ أن كان وزيراً للنفط في الحكومتين السابقتين.

هذه الحركة للرئيس برّي بصرف النظر عن النتائج الأخيرة لها، جدّدت الحياة السياسية وأنعشت الحركة التي كادت أن تتوقف بشكل كامل قبل عطلة عيد الفطر، وحفّزت كل القوى السياسية على المشاركة والترحيب بها، كذلك طرحت على هامشها موضوع السلة المتكاملة التي طرحها الرئيس برّي على طاولة الحوار في الجلسة الأخيرة، وأحدثت إرباكات في صفوف مكونات الهيئة ما زالت تتفاعل حتى الآن في الساحة السياسية بين مرحّب بها، ومعترض عليها، ومشكّك في نيّات الرئيس برّي وراء هذا الطرح الذي يتماشى مع مشروع حزب الله الرامي إلى تعقيد كل الأمور للوصول إلى المؤتمر التأسيسي الذي يهدف إلى إعادة تكوين السلطة السياسية وفق مقتضيات مصالح الحزب وتطلعاته إلى حكم لبنان.

وثمّة فريق آخر يميل إلى التخوّف من أن يكون وراء طرح الرئيس برّي لملف التنقيب عن النفط وموافقة العماد عون نوع من المقايضة على رئاسة الجمهورية، أي النفط مقابل الرئاسة الأولى.

بمعزل عن كل ما قيل وما سيقال لاحقاً فمما لا شك فيه أن حركة رئيس المجلس الذي أطلق عليه زعيم القوات الدكتور سمير جعجع «بابي سيتر» السياسية، فيها بركة وإن لم تصل إلى خواتيمها السعيدة.