Site icon IMLebanon

في العلاقات «الطبيعية»

 

تكثيف الجماعة الإيرانية – الأسدية الضخّ باتجاه إعادة الوصل «الرسمي» اللبناني – السوري هو محاولة بائسة (وركيكة) للعودة إلى الوراء في لبنان، مثلما هو الحال مع محاولة القول إن كلّ شيء عاد إلى «طبيعته» في سوريا نفسها!

 

وهذا (مبدئياً) يبعث على الاطمئنان الأكيد بأن تلك الجماعة تفلح في الماء! وسيرتها العامة، وإن تدرّجت (وتنوّعت) مستويات وتكتيكات البعض فيها، لا تدلّ منذ ما بعد جريمة 14 شباط 2005، إلا على ذلك الدأب الموصل في خواتيمه إلى ما حلّ بسوريا، وقبلها بلبنان.

 

حجم الضخّ التزويري والافترائي والكيدي الذي سبق جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وتلاها مباشرة، لم يمنع الوصول إلى حقيقة انتهاء زمن الوصاية، وتحطّم النظام الأمني المشترك الذي وضع اتفاق الطائف على الرفّ وهتك الدستور وكاد أن ينجح تماماً في سورنة لبنان.. ولم يمنع في النتيجة خروج قوات الأسد غصباً عنها بعد إقامة في روابينا قاربت الثلاثة عقود بالتمام والكمال!

 

وحجم الضخّ التعبوي و«التثقيفي» الذي مارسته السلطة الأسدية إزاء ثورة السوريين منذ بوادرها الأولى، لم يمنع في الخلاصة من الوصول إلى حقيقة أنّ سوريا تدمّرت! وأن التركيبة السلطوية بالكاد بقيت تركيبة! وبالكاد بقيت لها سلطة! وإنها فقدت القدرة على التحكّم بأي شأن سيادي، بل حتى بمصيرها نفسها!

 

وذلك لا يحجب في أي حال، حقيقة موازية تقول إنّ صفوة نتاجات تلك السلطة هي كل هذه البلايا والرزايا النازلة بالسوريين بعد اللبنانيين.. وإن كثرة العلك في هذه الأيام عن الضرورة المصلحية لإعادة «العلاقات» إلى ما كانت عليه لا تعني شيئاً سوى التعبير عن تأصّل التحريف والتخريف والعبث في أداء تلك المنظومة وصولاً إلى الافتراض بأنّ «الانفتاح» على لبنان يعوّضها عن الاختناق الذي تعاني منه جرّاء الإقفال في علاقاتها المحلية السورية والإقليمية والدولية!

 

مشكلة «سوريا الأسد» ليست في لبنان كي تُحلَّ فيه! والصحيح في المقابل هو أنّ أبرز وأخطر مشاكل لبنان الكثيرة هي «سوريا الأسد». سوى أنّ المفارقة تكمن في أن الاستخدامات المحلية اللبنانية لتلك المشكلة تفوق أو توازي الاستخدامات الأسدية لها! وليس أدلّ على ذلك من إدخالها، حتى في شكلها التخريفي والتحريفي، في سياق معركة تشكيل الحكومة! ومحاولة تكبير و(تنويع) الضغوط على الرئيس سعد الحريري! وابتزازه في قضية كبيرة من أجل غايات توزيرية صغيرة! وذروة الهزل في هذه المناحة هو مشاركة الجماعة الإيرانية فيها في الوقت الذي يوضع مصير «نفوذ» إيران في سوريا نفسها على محكّ المصالح الكبرى، الأميركية والإسرائيلية والروسية!

 

العلاقات اللبنانية – السورية جزء من حقائق الجغرافيا، لكن عودتها إلى طبيعتها لا تستقيم شرعاً ومنطقاً (وأخلاقاً!) قبل عودة سوريا إلى طبيعتها! وهذه مثلما هو واضح لا تزال بعيدة.. أقلّه حتى العام 2021!

 

علي نون