Site icon IMLebanon

في اللغة الواحدة..

اللافت في المواقف الإيرانية القائلة بالإحياء الإمبراطوري، و«فرسنة« المنطقة العربية التي نزل فيها الإسلام وبلغة أهلها، والتشاوف الواصل الى حدّ إهانة العراقيين والسوريين واللبنانيين واليمنيين بجعلهم «رعايا» من حيث لا يدرون او يرغبون.. إنها مواقف لم تصدر على جاري العادة، عن جنرالات «الحرس الثوري» ولا عن الشخصيات الموصوفة بأنها محافظة، إنما عن رموز في التيار المسمّى إصلاحياً، كانت معتادة على الكلام بلغة تسووية في الداخل والخارج، وانتهاج خط شديد التنافر مع المنهج المتشدد الآخر.

وذلك على ما يمكن الافتراض، يحمل دلالتين بارزتين. الأولى أنّ إيران في مجملها، تريد الخلاص من وطأة العقوبات من خلال الاتفاق الموعود على البرنامج النووي، وتسلك نخبتها في سبيل ذلك، مسلكاً واحداً برغم اختلافاتها الداخلية العميقة. والثانية، ان الهمّة القوية الصاعدة تدغدغ العصب الغريزي وتجعله قوّاماً على أي عصب آخر، أكان إسلامياً أو سياسياً أو ديبلوماسياً، أو منطقياً بارداً وبعيداً عن دربكة الميدان الناري المفتوح.

والغريب ان ذلك الأداء الموحّد لا يشتمل إلاّ على لغة فتنوية، دينية وقومية إزاء المحيط العربي، من دون ان يشعر أصحابها بأي حرج من جراء استخدامها في إطار البحث عن اتفاق مع الاميركيين والغربيين!

والظاهرة لافتة. وفيها ربما، استمراء إيراني عام لفرضية تشبه تلك المعتمدة عند الاسرائيليين، حيث الخارج يوحّد الداخل. ويطمس التناقضات المحلية. ويصحّ تركيبه في قمة أداء إشهاري للتميز والفرادة ونوازع الشعور بالفوقية حيال العرب دولاً وشعوباً!

كما فيها تشبّه بالمضمون واختلاف في الشكل: الاسرائيليون يعتمدون أقصى حالات العنف حيال العرب، لكن انطلاقاً من خبرية الضحية المهددة دائماً! فيما الايرانيون يعتمدون أقصى حالات العنف، المادي والبلاغي (المذهبي) والاسلامي والسياسي، لكن انطلاقاً من مدونة الجموح الفوقي و»الاشعاع الثوري» والبحث في التاريخ الميت عن أمجاد للحاضر الحي!

وفي الخلاصة، يتوجّه الطرفان الى ضحية واحدة هي العرب! وذلك على ما يبدو، لا يحرج الايراني في شيء. لا من قريب ولا من بعيد. لكن عليه في المقابل، ان لا «ينزعج» أو يتفاجأ، من اعتباره «عدواً» مكتمل المواصفات، بل طافحا بها وبظواهرها!