IMLebanon

في الجذر الواحد!

تضيء الأزمة الكورية الراهنة واحتمالاتها الفظيعة، على أشياء من «عاديات» أيامنا واشتمالها الدائم على ظواهر تماثل ظاهرة الطفل المعجزة كيم جونغ أون، وإن كانت لا تضاهيه وتوازيه في قدراته وآليات التصنيع العسكري التي يمتلكها نظامه.

لكنّها على الهامش، تحجب بعض الضجيج «الانتصاري» الممانع. وتفوّت على أهله وربعه الإمعان في إشاعته وتطويل زغرداته وتعميم مفرداته، والدأب في محاولة استثماره وتوظيفه ضد كل آخر «أهلي» و»محلي» موصوم بجريمة الاختلاف والتمايز في السياسة والمذهب والرأي وطريقة العيش.

تضيء تلك الأزمة على حقيقة صيرورة بلادنا مقابر مفتوحة. و»السعي» الى تثبيت وضعها المستجد هذا. لكنّها تحيل تراكم الارتكابات وانحطاط منفّذيها على تفصيل غير ذي قيمة، إذا ما قورنت بالاحتمالات الإفنائية الكامنة في تطور المواجهة الكورية الى صِدام غير مسبوق منذ خواتيم الحرب العالمية الثانية وقنبلتي هيروشيما وناغازاكي. والذي يصحّ الظنّ والافتراض، بأنّه قد يُبخّر دولاً وشعوباً؛ بالمعنى الحرفي المباشر والمكتمل.

ثم تضيء على حقيقة، توحّد الجذر الذي تتفرّع عنه ومنه تلك الأشكال السلطوية حتى وإن اختلفت عناوينها «وأشعارها» وشعاراتها وغاياتها. وبهذا المعنى، يندرج في سلّة واحدة، لينين الروسي مع موسوليني الايطالي مع هتلر الألماني مع ستالين «السوفياتي» مع ماو الصيني مع بول بوت الكمبودي مع تشافيز الفنزويلي (وخليفته مادورو) مع صدّام العراقي مع بشّار السوري مع القذّافي الليبي مع المرجع الإيراني، ومع كثيرين غيرهم في التاريخ البعيد.. وهؤلاء في الاجمال، تنكّبوا أدوار الآلهة! (وبعضهم تواضع وارتضى بالقسمة النصفية!) ورأوا في أنفسهم خلاصيين جاؤوا في الوقت المناسب! وأصحاب رسالات عُظمى. تُعنى بالحياة والموت، وتقرّرهما! وبالكيفية المثلى لاجتماع البشر في الاجمال. ولطريقة عيشهم وثقافتهم وعلومهم وعملهم وإعلامهم وفنّهم وآدابهم واقتصادهم وشكل نظامهم وطريقة لبسهم وما تناسل وتفرّع وتشظّى عن كل شأن فوق هذه الأرض!

وُصف هؤلاء بالطغاة والاستبداديين لانعدام آليات المحاسبة والمراقبة في النظم التي أنشأوها أو صدروا عنها. وكانت أخطارهم دائماً تفيض خارج حدود بلادهم و»شعوبهم» تبعاً لشطط الامتلاء الذاتي الرسالي عند كلّ واحد منهم. وهذا الامتلاء عنى بالجماعات والمصائر الكبرى. ولم تعنِ له الحياة الفردية والعامة، سوى كونها الطريق الى الموت! أو بالأحرى جعل الموت الطريق الوحيد الى حياة مثلى كما يراها أو يتصوّرها صاحب «الرسالة»! أكان بلشفيّاً في موسكو. أو نازيّاً في برلين. أو فاشيّاً في روما. أو «شمساً مضيئة» في بيونغ يانغ. أو شعبويّاً في كراكاس. أو بعثيّاً في بغداد ودمشق. أو إسلاميّاً في هذه الناحية أو تلك..

ليس غريباً، تبعاً لذلك ملاحظة الآتي: قبل مباشرة كيم جونغ أون «هوايته» الإفنائية الراهنة، لوّح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد ضمّه القرم وتدخله في شرق أوكرانيا، باستخدام أسلحة نووية تكتيكية (صغيرة الحجم؟!) وسَعَت طهران الى امتلاك القنبلة النووية. وأنزل بشار الأسد غاز السارين على أطفال الغوطة الدمشقية مع خيوط الفجر الأولى في ذلك الآب من العام 2013. وقبله «إضطرّ» صدام حسين الى «معالجة» الأكراد في حلبجة بالكيماوي المزدوج! .. ويُقال (وإن اختلفت المقاييس) أنّ قادة إسرائيل «فكّروا» في لحظة من لحظات حرب العام 1973 في مخزونهم النووي المتراكم في النقب!

جذر واحد لعدم متعدّد الهويّات.