IMLebanon

لكي لا تكون نصائح الرئيس عصام فارس… صرخةً في وادٍ

ليست غربةً حين تكون قضايا الوطن وهمومه وملفاته في العقل والقلب والوجدان… وليس في غربة مَن تكون أنظاره مصوَّبة إلى الوطن ولا وجهة له سواه، الغربة هي حين يكون مَن في الوطن في غُربةٍ عن معاناة المواطنين وآلامهم.

دولة الرئيس عصام فارس، من أولئك الذين قست عليهم الظروف، فأبعدتهم، بالمسافات فقط، عن لبنان، لكنَّ لبنان واللبنانيين بقوا في قلبه وفي عقله ووجدانه، وليس فقط بالكلمات والمشاعر بل بالإنجازات والأعمال ومواصلة البناء، سواء في الصروح العلمية أو في القرى والبلدات، التي لا تعرف مؤسسات الدولة لا تعرف سبيلاً إليها. فإبن الوطن المنكوب وإبن عكار المحرومة، يعرف قبل أن يكون في سدَّة المسؤولية الرسمية وبعد أن خرج منها، لكنَّه بقِيَ في قلب المسؤولية الفعلية، يعرف أنَّ المنصب ليس شرطاً من شروط العطاء. ولو أنَّ عطاءات دولة الرئيس عصام فارس كانت مشروطة بالمناصب لَما كانت هناك مناصب تكفي لهذه العطاءات.

في صميم الإستقرار يُعطي، وفي ذروة الإضطرابات يُعطي، لا يربط عطاءه بشرطٍ أو بذريعةٍ، بل شرطه الوحيد أن يكون العطاء حيث الحاجة.

بالأمس القريب، قَرَن قوله بالفعل، ففي ذروة الحرائق في طرابلس والشمال، وهو إبن الشمال وإبن بلدة بينو بالتحديد، كان يُعطي في الشمال وتحديداً في الكورة وأميون، ولا يكتفي بالعطاء بل يرفع الصوت في صرخةٍ مدوِّيةٍ علَّ المسؤولين الذين صُمَّت آذانهم وأَقَفَلت قلوبهم يسمعون.

يقول دولة الرئيس عصام فارس:

المسؤولية الوطنية تفرض إنتخاب رئيسٍ للجمهورية فوراً، لاكتمال تكوين الدولة، كما تفرض الإلتفاف حول الجيش والتضامن معه وتعزيز الوحدة الوطنية عن طريق دعم المؤسسات الشرعية.

لا خلاف على مثل هذا الكلام بل إنَّه بمثابة خارطة الطريق التي تستدعي إجماعاً للسير بها، وهو لا يكتفي به بل يرفده بكلامٍ آخر يعكس الحرقة في القلب، يقول فيه:

كفى تسجيل نقاط ربح وخسارة وهمية، سئمنا تناطحاً على المنابر والشاشات، مللنا وجوهاً جفَّ فيها الحياء، ألا يعتقد هؤلاء من هذا التجمع أو ذاك أنَّهم بدأوا يفقدون ثقة الناس بهم، وهذه علَّة وجودهم؟

ألا يسمعون وصف شعبهم لهم بكثير من النعوت؟

هل من صرخةٍ مدوِّيةٍ أقوى من هذه الصرخة؟

هذا الكلام ينبع من عقلِ رجلٍ تبوَّأ المسؤولية وشارك فيها على مدى عقدٍ من الزمن، لا ينطلق كلامه من فراغ بل من معرفةٍ دقيقة بواقع الحال في لبنان.

يضع دولة الرئيس عصام فارس يده على الجرح حين يُحدِّد أنَّ المرحلة تفرض أخلاقياً ووطنياً إفساح المجال لعقلاء البلد وحكّامه من ذوي الخبرة ونظافة الكف ليتصدروا المواقع والمراكز، وليقودوا البلاد إلى بر الأمان، فلا يجوز أن يبقى البلد مخطوفاً من قلة لم تحفظه، وهو بالمقابل غنيٌّ بالرجال والطاقات.

مرَّ زمنٌ على هذا البلد لم يُسمَع فيه هذا القدْرُ من الكلام الصادق والمخلص والنابع من القلب، ولكنَّ يداً واحدة لا تُصفِّق، فإنَّ المطلوب شبْك الأيادي مع دولة الرئيس، ومع سائر المخلصين، للبدء بعملية النهوض وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.