IMLebanon

كي لا نُخْتَطَف جميعاً

شهدنا في اليومين الأخيرين عمليات خطف على الهوية، ونحن نعاني خطف العسكريين وقتل بعضهم بأبشع الطرق، بل أكثرها وحشية، لكأننا لم نتعلم من دروس الماضي، من الحرب الاهلية، او حروب الآخرين على أرض لبنان، كما كان يحلو لغسان تويني ان يسمّيها. لعل من المفيد ان نعود الى مشاطرة أهالي المفقودين في الحرب اعتصامهم كل خميس أمام السرايا الحكومية. من الضروري النظر في عيون الامهات اللواتي يحملن صور الازواج والابناء منذ نحو ثلاثين سنة. وبدل انتظار المخفيين قسرا، صارت مطالبتهم بالحصول على ملف التحقيقات لجلاء الحقيقة، ولو أتت مرة.

وها إننا نعود الى الخطف على الهوية، بين سنّي وشيعي، أي بين أخ وأخيه، لنعود فنعرّض السلم الاهلي للخطر. ويبدو ان لا عقلاء في هذا المجتمع، أو أنهم فقدوا دورهم وسلطانهم وارتضوا ان يخلوا الساحة مجدداً، ويتركوها لقطاع الطرق وفراخ الميليشيويين، حتى كدنا نصدق ان الحوادث تعيد نفسها قبل ان تدخل التاريخ، اذ هي من الامس القريب، ويجب ألا تكون دخلت النسيان.

والى الخطف والخطف المضاد، يظل خطف العسكريين رأس الشرور، لأنه يضعف المعنويات ويهدد المؤسسة الامنية الأم، فلا هي قادرة على التفاوض المذل لانه يستجر مزيداً من عمليات الخطف من جماعات خارجية وربما اخرى داخلية للضغط على الدولة كي تستجيب لمطالب الخاطفين، ولا يمكن قيادة الجيش ايضا ان تتخلى عن ابنائها العسكريين لأنهم ضمان استمرارها وحياتها.

واذا كانت عملية التفاوض لإطلاق من يبقى من العسكريين قائمة عبر قنوات سرية، وهي من شأن من يتولى الامر، فإن الخطوات الاحترازية الاخرى كي لا نُختَطَف جميعاً تقع على كاهل الاحزاب والطوائف لتضع حداً لهذه الانتهاكات التي يمكن ان تكبر ككرة الثلج، وتعجز القوى عن وقفها متأخرة. بعد ذلك لن ينفع الندم، وسنصير كلنا مُختَطَفين.