يوم حملتَ خطايا العالم الفاحشة على منكبيك، فصُلِبْتَ مغفرة لذنوب الآدميـين، لم يكن هناك بعد عـالم مسيحي، ولم يكن عالم مسلم أو أسلامويّون.
من أجلهم جميعاً صلبت، من أجل البشرية كلّها، التي وُلِدَتْ والتي منها يتوالدون . . . ومن أجل الذين صلبوك، ومن أجل الذين استقبلوك في أورشليم إبتهاجاً بسُعُف النخل والزيتون، ثم انساقوا مع من ساقوك الى الجلجلة وسقوك العلقم المـرَّ.
وأنت أيها السيد. . السيد السماوي، صلبتَ من أجل تلك السلالات والأعراق والأرومات التي تفرَّعتْ منها تنظيمات: «داعش»، و«النصرة»، و«القاعدة» وطالبان» و«الأخوان» و«بوكو حرام» .
هؤلاء الذين صُلبتَ من أجلهم ومن أجل خلاصهم، هم الذين يصلبونك كل يوم، ويحطمّون مقدساتك الإلهية ورموزك الدينية، ويكفّرون «بيوتك التي هي بيوت الصلاة تدعى».
ومثلما يصلبونك أنت يصلبون أيضاً أنبياءهم، ويبتدعون سماوات مزيفة، ويشيدون قبور الأولياء، على غرار تلك الأورشليم: «قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها . .» (متى : 23 – 37) .
ومسيحيُّوك الذين: «أرسلتهم كغنم في وسط ذئاب ليكونوا حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام . .» (متى : 10 – 16) .
فإن منهم من كان كالحيَّات في لسع أخيه، ومنهم من كان كالحمام الزاجل يحمل رسائل البريد للآخرين، كالعيسِ التي يقتلها الظمأ والماء محمول فوق ظهورها.
سألتك أيها السيد: أفلا تزال ترى أن على رعاياك أن «يحبّوا أعداءهم ويصلُّوا من أجل من يضطهدهم . . ؟» (متى : 5 – 44) .
وهل الخلاص الجديد يكون أيضاً في صليب آخر يُنْـصَبُ لك من جديد على جلجلة من الدم . .؟
أنت جعلت من نفسك ذبيحة بشرية، ليكون الخلاص بك من غرائز العنف، فإذا هم يجعلون بعدك الأرض مذبحة آدمية ومسلخاً للغرائز.
وأنت الذي حاولت أن يلتقي بك الخط الهابط والخط الصاعد بين السماء والأرض ، لتجعل من الأرض شبه سماء ومن البشر أشباه آلهة ، فقابلك هل الأرض بجهنميتهم وبالوثنية المتوحشة حاربوك .
ولأنك وعدتنا بعودة تدين بها الأحياء والأموات، رجوتُك إذاً بأن تَصْلُبَ أنت أولاد الأفاعي والكتبة والفريسيين والمرائـين، وأن تعود وفي يمينك ذلك السيف الذي ذكرته إسماً وحجبته حَسْماً حين قلت : «لم آتِ لألقي سلاماً بل حساماً . .» (متى : 10 – 8) .
إنه السيف الذي طال به الركود في غمده لعله في هذا الزمان يكون أصدق أنباءً من الكتب.