السؤال الذي يثير قلق الناس هو: لبنان الى أين اذا لم يسفر الحوار بين “تيار المستقبل” و”حزب الله” عن اتفاق على اجراء انتخابات رئاسية سواء باتفاق اقطاب 8 و14 آذار على رئيس توافقي أو رئيس تسوية، او بالاتفاق على ان يقترع مجلس النواب بالاكثرية المطلوبة لمرشح من المرشحين المعلنين وغير المعلنين تطبيقا للنظام الديموقراطي الذي كان يمارسه لبنان في الماضي؟
يقول نائب في قوى 14 آذار إن هذا الحوار اذا لم يسفر عن نتيجة لا سيما بالنسبة الى انتخاب رئيس للجمهورية، خصوصا بعد الموقف السلبي للعماد ميشال عون، فمعنى ذلك ان الثنائي عون – نصرالله، وبايعاز ايراني ربما، لا يزال ينفذ خطة احداث فراغ شامل في لبنان بدأت المرحلة الاولى منها بتعطيل انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية، ثم بتعطيل اجراء انتخابات نيابية في موعدها لخلاف على القانون فكان التمديد لمجلس النواب حتى حزيران 2017 لتبقى حكومة التناقضات وحدها هي التي تحكم مكان رئيس الجمهورية ولكن بتعليق العمل بالمادة 65 من الدستور التي تحدد المواضيع الاساسية التي تحتاج للموافقة عليها الى تصويت الاكثرية، وتلك التي تحتاج للموافقة عليها الى توافق، اذا ما تعذّر فالموافقة تكون بأكثرية ثلثي عدد الوزراء الذين تتألف منهم الحكومة.
وهكذا يكون تعطيل جلسات انتخاب رئيس الجمهورية مخالفا للدستور الذي ينص على وجوب عقد جلسات الانتخاب وعدم القيام بأي عمل آخر قبل انتخاب الرئيس. وقد اقدمت الحكومة على تعليق العمل بالمادة 65 من الدستور حرصا منها على استمرار الانسجام داخلها ولئلا تؤدي نتائج التصويت على اي موضوع تعذر التوافق عليه، الى احداث انقسام داخل الحكومة قد يطيحها خصوصا في ظروف دقيقة لا تسمح بذلك ولا تتحمل نشوء ازمة وزارية مفتوحة على كل الاحتمالات. هذا الوضع الشاذ يعني ان لا مجلس نواب يستطيع محاسبة الحكومة ومساءلتها على اي خطأ او مخالفة ترتكبهما خوفا على مصيرها، ولا اتخاذ قرارات مهمة في مجلس الوزراء حتى وان قضت الظروف باتخاذها اذا ما انقسم الوزراء حولها، وهذا اخطر ما تواجهه البلاد في ظل شغور رئاسي وحكومة لا تتخذ قرارات الا بالتوافق، ومجلس ممدد له لا يستطيع محاسبة الحكومة، وان اخطأت، حرصا على بقائها الضروري في الظروف الراهنة.
هذه هي نتائج بقاء منصب رئيس الجمهورية شاغرا كي يصير في الامكان الانطلاق من هذا الشغور الى احداث فراغ شامل لا خروج منه الا بوضع صيغة جديدة لنظام الحكم في لبنان تكون بديلا من صيغة اتفاق الطائف الذي كلف التوصل اليه مئات الآلاف من القتلى والجرحى، ولا احد يعرف كم سيكلف الاتفاق على صيغة بديلة منه…
لقد نجح الثنائي عون – نصرالله في تعطيل جلسات انتخاب رئيس للجمهورية وفي جعل حكومة التناقضات تعيش على التسويات او على المحاصصة حول كل مشروع يصير الاتفاق عليه ووضع ما لا اتفاق عليه جانبا، والتسليم ولو بالاكراه ببقاء حكومة وان كانت تعمل بأدنى طاقتها، لان تداعيات استقالتها اخطر، ويخشى ان يهدد هذا الثنائي بتعطيل اجراء انتخابات نيابية اذا لم يكن القانون الجديد الذي ستجرى على اساسه مقبولا منه. واذا كان اي قانون لا يهم “حزب الله” لأنه بتحالفه مع حركة “امل” يضمن الفوز لمرشحيه، فإن هذا القانون يهم حليفه “التيار الوطني الحر” الذي يريده ان يحقق المناصفة الفعلية بين المسيحيين والمسلمين. وهذا لا يتحقق الا بالعودة الى “المشروع الارثوذكسي” المرفوض من الاكثرية النيابية، او بالعودة الى قانون الستين، وان كان مرفوضا، لانه يضمن الفوز لعدد من المرشحين المسيحيين بأصوات السنّة او الشيعة.
الى ذلك، ان من استطاع تعطيل جلسات انتخاب رئيس للجمهورية يستطيع تعطيل جلسات اقرار مشروع قانون جديد للانتخابات النيابية بافقاد نصابها، واذا تعذر عليه ذلك فإنه قد يذهب الى حد مقاطعة انتخابات نيابية تجرى على اساس قانون غير مقبول فيه، وقد تكون هذه المقاطعة كافية لتأجيل الانتخابات لأن مكونا مهما من مكونات لبنان قرر مقاطعتها، ما يخل بالميثاق الوطني، الا اذا كان لـ”حزب الله” موقف آخر لأن موقفه هو الذي يعطل جلسات الانتخابات الرئاسية ولم يعطل جلسة التمديد لمجلس النواب، وهو الذي يستطيع تعطيل اجراء انتخابات نيابية اذا تضامن مع من يريدون تعطيل اجرائها، وهو الذي يستطيع الابقاء على الحكومة او اطاحتها والحؤول دون تشكيل حكومة اخرى. وعندها يكون قد تحقق تنفيذ خطة الفراغ الشامل كاملة.