Site icon IMLebanon

في المبدأ..

 

أيّاً تكن مآلات اللغو المتجدّد بـ«الحل السياسي» في سوريا، ومدى جدّية بعض التسريبات الفالتة طولاً وعرضاً عن «تفاصيلها»، ثمّ مدى قدرة الأوروبيين (الغربيين) والأميركيين على جسر الفوارق السورية وغير السورية مع الروس، وتمكّنهم من تقديم إغراءات كافية لدفع فلاديمير بوتين إلى ملاقاتهم في منتصف الطريق.. بغضّ النظر عن ذلك وغيره أكثر، فإن ما يحصل يدلّ «مبدئياً» على تسليم «الجميع» بنقطة ارتكاز أولى وأساسية وبديهية، هي خروج رئيس سوريا السابق بشّار الأسد من الصورة تماماً.

 

بل إن ذلك هو الشرط الوحيد، لإتمام صحّة مفردة «الحل السياسي»، إذا كان هناك من حلٍّ كهذا! أو إذا نضجت ظروف هذا الحل واكتفى جميع المعنيين، من الأزمة، ورست المعادلة عند التسليم المتبادل بالخيار الثالث النافي لثنائية «الإرهاب أو الأسد»!

 

وفحوى الفصاحة المُفترضة في هذا الكلام، هو أنّ الأسد صِفْر على الشمال! لا يفيد في عالم حسابات المصالح الكبرى شيئاً.. مفيد في حالة الأزمة وليس الحل. وفي حالة الابتزاز السلبي وليس الإيجابي. كأن تطلب موسكو (مثلاً) ثمناً لرأسه لن يدفعه أحد! في حين يدفع كثيرون غرباً وشرقاً ثمناً لـ«تسوية» فعلية تعيد إنتاج الدولة السورية وكيانها الدستوري ومؤسساتها الشرعية وأدوارها الممكنة في المنطقة المحيطة، وتلمّ شتات أهلها وتُعيد إعمار بنيانها، وتطمئِن كل ناسها وتطمر مع ضحاياها الأسباب التي أوصلتها بشراً وحجراً إلى حافّة الاندثار التام!

 

ولا دخل للأحلام والأوهام في هذه الصورة، بل استطراد في موضعه انطلاقاً من فرضيّة «الحل السياسي» بغضّ النظر (مرّة أخرى) عن استمالته أو إمكانيته راهناً وفي المستقبل القريب، علماً أنّ حديث «التسويات الكبرى والشاملة» يتزامن مع غليان غير مسبوق نتيجة المواقف الإسرائيلية من «النفوذ» الإيراني في سوريا.. والاحتمالات المرجّحة لخروج إدارة الرئيس دونالد ترامب من «الاتفاق النووي» في الشهر المقبل. ومراوحة الإيرانيين في بيان النزال والقتال والوعيد والتهديد. ومواصلة موسكو «التأكيد» على المنحى الصِدامي في أدائها وصولاً إلى الإعلان عن قرار تسليم الأسد منظومة صواريخ «أس – 300»، مع علمها المُسبق بأنّه لن يتجرّأ على تفعيلها واستخدامها لا في مواجهة الطائرات الإسرائيلية ولا الطائرات الأميركية والغربية، وأن سقف حضورها ووجودها في سوريا عموماً هو التفاهم «مئة في المئة مع الأميركيين على عدم الاصطدام المباشر» حسب تأكيدات وزير الخارجية سيرغي لافروف أوّل من أمس تحديداً.

 

في الواقعية المؤجّلة والمعلّقة على حبال التأزيم الراهن والخطير، أنّ بشار الأسد جثة سياسية تشبه الصفر الذي على الشمال.. وأن انكبابه على إكمال «انتصاراته» في الغوطة وجنوب دمشق لن يُعدِّل في تلك الحقيقة شيئاً طالما أنَّ مصيره الأخير صار في أيدي حُماته الإيرانيين من جهة والروس من جهة ثانية، وطالما أنّ اللغو بـ«الحل السياسي» عاد حتى مع المبعوث الدولي ستيفان دي مستورا إلى نقطة الصفر حيث لن تنعكس «المكاسب على الأرض» على شروط الحل الذي وُضِعت أُسسه في جنيف!