Site icon IMLebanon

في التهديدات الاستباقية!

 

على خطورة الكلام الإسرائيلي عن مخازن صواريخ “حزب الله” في محيط “مطار رفيق الحريري الدولي”، واحتمالاته السيّئة، فإنه في الخلاصات العامة (غير الأكيدة!) يبدو كلاماً ذا وظيفة سريعة.. وربما طارئة!

 

وتلك الوظيفة جزء من المعركة المفتوحة مع إيران لكنها لا تعني الحرب على لبنان. وفي هذه المعركة تدخل “تداعيات” العملية الأخيرة في الأحواز. وهذه التداعيات اشتملت على تحذيرات وتهديدات قاربت المستوى الهستيري التام من قبل كبار قادة “الحرس الثوري” وبعض كبار المسؤولين في “الدولة” بمن فيهم رئيس الجمهورية الشيخ حسن روحاني!

 

و”الصاعق” الذي فجّر على ما يبدو الرواية الاتهامية الصاروخية الراهنة، كان كلام الرئيس روحاني تحديداً على هامش مشاركته في أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك، والذي جاء فيه أن إيران “غير مسؤولة” عن أعمال حلفائها وتابعيها! وهذا دفع كثيرين إلى التفسير الرغبوي السريع والهش القائل بأن طهران “بدأت تتخلى” عن هؤلاء الحلفاء والأتباع! فيما رأى آخرون أن كلام روحاني هو مقدّمة للتنصّل المسبق من تبعات “الردّ” على عملية الأحواز ووفق النسق المتّبع إيرانياً. أي أن تتولى ذلك “الردّ” أدوات “غير إيرانية” وهذه كثيرة وبعضها عنوانه واضح ومعروف مثل “حزب الله” وبعضه الآخر عنوانه مُبهم وغير معروف وأساليبه المتّبعة لا تُوضع سوى في خانة الإرهاب!

 

إستباقاً لذلك التنصّل فتح بنيامين نتيناهو “بنك الأهداف” الإسرائيلية في لبنان واختار “حساباً” واحداً منها هو ما عَرَضه أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة من صوَر قال إنها مصانع لإنتاج (أو تجميع) صواريخ إيرانية المصدر. أي كأنّه يردّ على “الرسالة” الإيرانية غير المباشرة بواحدة شبه مباشرة وذات ثقل ووزن لا بد أن يكونا محسوبين في طهران وعند قادتها!

 

وهذه الرسالة الجزئية تقول إن التهديدات والتوعدات الإيرانية بعد عملية الأحواز بلغت مدى لا يمكن أن “يعبّر” عنه سوى جسم تنظيمي ثقيل ومحترف وخبير مثل “حزب الله” تحديداً! وهذا وفق القراءة التحليلية الافتراضية لعراضة نتنياهو الصاروخية “قادر ومؤهل ومُجرّب”! سوى أن محاولته هذه المرّة أخذ الأمر الإيراني بالردّ على عاتقه، ستكون له تداعيات معاكسة للهدف “الثأري” المنشود! وسيفتح أبواباً كان أغلقها القرار 1701 بعد حرب العام 2006! وأحكم إغلاقها بطريقة لم يسبق لها مثيل منذ العام 1948.

 

أي أن إيران تُهدّد بردّ غير مباشر، وإسرائيل تفعل مثلها! سوى أن التخمين في طبيعة “الردّ” الذي تريده الأولى ومكانه، يقابله “وضوح” في موقف الثانية.. وهذه (أي إسرائيل) تتمنى “حالة” لبنانية شبيهة بتلك السورية. أي التي تسمح لها بشنّ معارك صغيرة من دون الوصول إلى حرب كبيرة، يحفّزها على ذلك نجاح تكتيكاتها في “القطر الشقيق” بطريقة إعجازية وبكلفة عليها تقارب الصفر المكعّب!

 

الحجر الذي رمته إسرائيل في بركة الـ1701 كبير لكنه غير كافٍ لتهبيط حيطانها وإطلاق طوفانها. لكن استحضار لبنان في سياق المعركة ضد إيران هو أحد تبعات وتداعيات “النأي بالنفس عن النأي” الذي يعتمده “حزب الله” ويتفاخر به علناً، من سوريا إلى اليمن وما بينهما، في حين أن أولياءه في طهران لا يعدمون أي وسيلة ممكنة وغير ممكنة، علنيّة وسرّية من أجل نفي النأي بالنفس عن الأوروبيين والغربيين! ويعتمدون ديبلوماسية استجدائية لإبقاء الولايات المتحدة في “الاتفاق النووي”.. والعودة إلى المسار الذي فتحه السيّئ الذكر باراك أوباما!