IMLebanon

في الوعي الممانع

 

.. وكي لا يخطئ أحد السامعين في فهم معنى خرس سلطة الأسد ميدانياً وكلامياً، إزاء الغارات الإسرائيلية الجديدة، فإن التوضيح الإضافي جاء من طهران، وفي مؤتمر صحافي مشترك بين وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف ووزير خارجية بشار الأسد وليد المعلم.

حيث تبيّن، مباشرة على الهواء، أن الشعار الجديد الذي يرفعه محور الممانعة في فضاء دنيا العرب والمسلمين لم يعد ذلك الأسطوري القائل بأن لا صوت يعلو فوق صوت المعركة.. مع إسرائيل، إنما صار راهناً أن لا صوت يعلو فوق صوت المعركة الدائرة داخل سوريا، والتي في أساسها تستهدف ثورة السوريين، وفي متفرعاتها تستهدف عنواناً بحث عنه محور الممانعة طويلاً الى أن وجده أخيراً: الإرهاب الذي يمثله «داعش» وأمثاله.

«داعش عند ذلك المحور، أيقونة لا يحاول التفريط في أي جزء منها مهما حصل.. حتى لو كان الذي حصل هو عدوان إسرائيلي آخر فاضح وواضح ضد مواقع في عمق منطقة سيطرة السلطة الأسدية وحلفائها.

وتلك أولوية مستجدة. ووجه الغرابة في الأمر، هو سريانها على الخطاب الرسمي الإيراني. بحيث أنه لا جديد في خبرية انحناء سلطة الأسد أمام النار الإسرائيلية في كل مرة تلسعها. لكن الغريب أن يسري منطق التجاهل على إيران. وأن يقول وزير خارجيتها كلاماً يُفهم من سياقه الشبيه بكلام المعلم وقبله بالبيان «الرسمي» الذي صدر من دمشق، وكأنه «يُعاتب» إسرائيل لأنها جاءت وقصفت في الوقت الغلط!

غابت وطارت بعيداً، تلك الخزنة المليئة بالوعود العقابية المزلزلة «للعدو الصهيوني» وضمرت مصطلحات التعبئة وعادياتها.. حتى بدا وكأن المعلم وظريف كانا مهمومين في مؤتمرهما الصحافي المشترك، بعدم رمي أي كلمة قد تُفهم خطأ! وعدم الاقتراب من أي جملة تحمل وعيداً وتهديداً حتى ولو مواربة وليس مباشرة! بل إن أحدهما قال ما معناه إن الغارات الجوية الجديدة «تضرّ» بمن نفّذها! وكأنه يقول إن ذلك أمرٌ يُفترض أن ينتبه إليه المغير في المرة المقبلة!

والواقع، أن «داعش» كان الحبل الخلاصي الذي تعلّق به المحور الممانع في صراعه المستميت ضد قوى الثورة السورية: تمكن في رميته هذه من توجيه سهم مسموم الى قلب الثورة. وخلط أوراق الجميع. وأصاب غيره بارتباك كان حكراً عليه هو! وتحت هذه المظلة حاول ويحاول إعادة تأهيل السلطة الأسدية ووظائفها.. وبالتالي فهو أولوية لا تعلوها أولوية. ولذلك تماماً بتاتاً، ضربت إسرائيل مجدداً، وهي العالمة أصلاً وصارت عالمة أكثر، أنها ساقطة (ولو مرحلياً) من الوعي الممانع.. وصولاً الى تغييبها حتى في لا وعيه!