IMLebanon

في الردّ والحدّ..

 

الرئيس الشيخ حسن روحاني يُهدّد دونالد ترامب بـ«عواقب وخيمة» في حال خروجه من «الاتفاق النووي» الذي صار في العُرف البلاغي والتعبوي الإيراني إنجازاً قائماً في ذاته، برغم أنّه في المحصّلة المنطقيّة دمّر حرفياً طموحات التشبّه حتى بباكستان! وكشف أمام صاحب الشأن في طهران، الحدود التي لا يمكن أن تتخطاها أقصى أمانيه وتمنيّاته..

 

وأمين «المجلس الأعلى للأمن القومي» في طهران علي شمخاني يهدّد إسرائيل بعقاب «حتمي» رداً على استهداف القاعدة الإيرانية في مطار «تي- فور»«مباشرة» وقتل عدد من الخبراء الإيرانيين «وفي المكان والزمان المناسبَين»..

 

.. والجماعة الحوثية في اليمن تُهدّد دول التحالف العربي بردٍّ «يجعلها تندم» على قتل القيادي صالح الصمّاد في غارة جوية في منطقة الحديدة..

 

وفي السرد استثناء يطال «حزب الله» في لبنان، ربما لأنه مشغول حتى النخاع وأقصى الذراع بالانتخابات النيابية! ويعمل فيها وعليها وفق قياسات «الحياة والموت» المعهودة في معاركه وحروبه.. وبالتالي، لا وقت عنده (راهناً) للشؤون الإقليمية والدولية الكبرى! برغم أنّ عينه لا تنام! وبرغم أنّه في الأساس رأس حربة أدوات إيران الخارجية وأنجح «استثمار» من نوعه لها.. والواصلة مواصله وقدراته وإمكانياته وصواريخه إلى حدِّ ادّعاء القدرة على «تغيير وجه المنطقة»!

 

«والعواقب الوخيمة» التي تنتظر ترامب إذا ألغى «الاتفاق النووي» في منتصف الشهر المقبل، تبدو وخيمة بالفعل سلفاً! باعتبار أنَّ إيران تهدّد واشنطن بعقوبات مالية واقتصادية وتجارية وثقافية لن تقوى على تحمّل تبعاتها! وخصوصاً انعكاساتها الفورية (مثلما هو واضح راهناً!) على أسعار الدولار إزاء «التومان» الإيراني! ثمَّ باعتبار أنَّ «النفوذ» الأميركي في عموم المنطقة موعود بالاستهداف «المباشر» خصوصاً (وخصوصاً جداً) أن ذلك النفوذ تصاعدت وتيرته نتيجة التوقيع على ذلك الاتفاق، وأمكن الأميركيين من التسلل تحت أستاره وأغطيته، من أجل تدعيم وتثبيت قواعدهم السلطوية والميليشيوية من باب المندب إلى باب إدريس، ومن شطّ العرب إلى شطّ المتوسط، ومن جبال أفغانستان إلى جبال اللاذقية ولبنان!

 

أما الإستدراك في المنطق الإيراني المكابر والمقلوب، فدونه عقبات ومطبّات كأداء.. وذلك مردّه إلى القياسات الأصلية التي يعتمدها أصحاب ذلك المنطق، والتي تعني وتُفيد، بأن التواضع في الادّعاءات والطموحات بما يتناسق مع القدرات الذاتية هو انكسار لا يليق بمدوّنة «ثورة المستضعَفين» في الأرض بكل مفرداتها المنزّلة والوضعيّة! مثلما أنَّ الإذعان لمحاولة «تصحيح» ملاحق «الاتفاق النووي» بما يلجم النَفَس الانتهازي والبازاري المعبّر عنه في تثبيت «السيطرة» على أربع عواصم عربية! وكفّ البلايا والرزايا والنكبات عن شعوب الجوار العربي والإسلامي، فهو هزيمة قافرة ولا يستقيم مقامها في بيان «الإنجازات» و«الانتصارات» و«الفتوحات» التي سجّلتها «الثورة» على مدى العقود الأربعة الماضية!

 

أما التوعّد بالردّ الحتمي «في المكان والزمان المناسبَين» على إسرائيل فهو في الأساس جزء من السياق الاستنفاري الراهن لكنّه ينطوي على «إيجابية» غير مسبوقة: كأنّ الإيرانيين يقولون بأنّ استهدافهم «مباشرة» يستدعي ردّهم، هم مباشرة وليس بواسطة الحلفاء والأتباع وتحديداً «حزب الله» في لبنان! هذا أولاً! ثمّ أنّ «الردّ» سيكون على «جزئيّة» استهداف القاعدة في المطار القريب من تدمر، وليس أكثر من ذلك.. وهذا ثانياً! أي أنهم غير معنيين بـ«حرب شاملة». ولا يريدونها! ولا يبحثون عنها! ولا يتطلّعون إليها! باعتبار أنَّ يوم الدينونة لم يحن أوانه بعد! وقبل ذلك، باعتبار أنَّ حرباً كهذه ستعني في الأوضاع الراهنة، تحطيماً لقواعد النفوذ في سوريا واكتشافاً خطيراً لموازين القوى يظنّ كثيرون بأنّه يميل لمصلحة «الأعداء الصهاينة» تكتيّاً واستراتيجياً، ويمكن لمفاعيله أن تتدحرج كحجارة الدومينو وتضرب في «مراكز النفوذ» في «العواصم الأربع» تبعاً للظروف «الموضوعية» المهيّأة سلفاً بفعل منتجات «الثورة» الواضحة في خرائب اليمن والعراق وسوريا.. إلخ!!

 

.. أمّا توعّد دول التحالف العربي بـ«الندم» «وعضّ الأصابع»، فهو في أحسن الحالات لزوم ما لا يلزم! باعتبار أنّ «كل» ما في جعبة الإنقلابيين في اليمن، جرى استخدامه على مدى السنوات الثلاث الماضيات! إلاّ إذا كانت الجماعة الحوثية تحمّل الصواريخ الإيرانية التي تستهدف المملكة العربية السعودية، بالعسل والرمان والريحان والورد!