IMLebanon

ردّاً على بعض الأصدقاء “القواتيين”

في الأسبوع الفائت كتبت مقالاً تضمن صرخة، للقول إن كثرا من اللبنانيين لا ينتمون الى الأحزاب التقليدية المسيحية أو غيرها، وان هؤلاء أكثر بكثير من تقديرات الاحزاب، وهم يشكّلون جزءاً أساسياً من المستقبل الحقيقي للتغيير.

فجاءني الرد من بعض المنتمين والمؤيدين للأحزاب، ولا سيما من صحافيين ومناصرين لحزب “القوات اللبنانية”، منطلقاً من نقطة خاطئة لا بد من تصحيحها. فليس المطروح في أي شكل موضوع إلغاء الأحزاب، لكن لسوء الحظ الأحزاب في لبنان لا تزال مبنية على الطائفية او الولاء للزعيم، وأغلبية الزعماء اللبنانيين الحاليين نشأت من الحروب والانقسامات اللبنانية والطائفية، الأمر الذي طبع الحياة السياسية في لبنان بطابع قيام تحالفات عنوانها الطائفية وإلغاء الآخر، ولو ان بعض التغيير بدأ يظهر في الفترة الأخيرة.

والأحزاب السياسية تنتقد التوريث والعائلات السياسية، في حين أنها مؤلفة من الزوجة والابن والصهر والأخ.

لا أحد ينكر حجم “التيار” أو “القوات” أو غيرهما من الاحزاب، لكن المطلوب ان يدرك البعض ان هناك فئة كبيرة لا تنتمي الى الأحزاب، وهذا لا يعني أنها ضد الحزب كمفهوم واقعي في العمل السياسي، لكن هذه الفئة ببساطة ليست حزبية، ومن حقها البقاء وتطوير كيانها ووجودها ومقاومة محاولات إلغائها! وفي بعض الأوقات تؤيد هذه الفئة حزباً أو زعيماً أو فكرة أو مشروعا، من دون أن تؤيده دوماً مهما قال أو فعل. هذه هي الاستقلالية الفكرية الضرورية، وخصوصاً أن أحزابنا هي أحزاب دول عالم ثَالِث، فلا يمكن الانتماء اليها من دون محاسبة أو مقارنة مع الأحزاب في الدول الراقية.

كل هذه الأفكار لا تعني أن أحداً يشنّ معركة ضد أحد، بل بالعكس، في نقاط كثيرة يمكن الالتقاء مع بعض الأحزاب، لكن السير وراء زعيم عندما يكره، والتحالف عندما يحب، يعطي صورة غير مطمئنة للجمهور.

بالامس كانت ذكرى خروج آخر جندي سوري من لبنان، وهذه الذكرى تعني الكثير لفئة كبيرة من اللبنانيين الذين ساهموا وضحوا من أجل تحقيق هذا الاستقلال الجديد. وفي هذا اليوم لا يمكن إلا أن نتذكر أبطال هذه الثورة، ولأنهم أحبوا لبنان حتى الشهادة يجب أن ننظر الى مستقبل مختلف، وان نطرح تحالفات وأفكاراً بناءة لمستقبل شباب لبنان، بعيداً من تحالفات النكايات والمصالح، وان يكون هنالك نفس جديد يختلف عن ركام الماضي الملوث بالأحقاد والدماء على حساب شعب شبع من الخطب المتكررة نفسها والنهج نفسه الذي لم يقدم شيئاً جديداً.

لا، لسنا ضد الأحزاب، بل نحن مع أحزاب حضارية تمثل الديموقراطية قبل أن تدعي تطبيقها في الحكم. فكيف يكون بعض رؤساء الاحزاب ديموقراطيين فعلا وهم لا يطبقون الديموقراطية في أحزابهم ويعيشون كالملوك على عروشهم؟