IMLebanon

في المسؤولية والتداعيات

 

صحيح في المبدأ، واستناداً إلى التاريخ الحديث (جداً) وضع الاعتداء «الحوثي» على ناقلة النفط السعودية في البحر الأحمر في خانة إيران و«طريقتها» المألوفة في «الشغل»! مثلما هو الحال (كان ولا يزال إلى اليوم) مع «نشاطات» «حزب الله» اليمنية أو العراقية أو السورية أو الخليجية أو «الدولية»، و«نشاطات» غيره من البنى الميليشيوية المذهبية وغير المذهبية (حماس مثلاً) المُشابهة.

 

وصحيح في المبدأ تفسير دخول الجنرال قاسم سليماني على الاشتباك السياسي والإعلامي الحاصل مع الأميركيين من باب تصدّر المشهد وإشهار آليات المواجهة المُرتقبة، على أساس استمرار طهران في اعتماد مبدأ القتال بالواسطة وليس مباشرة. وخارج الحدود وليس داخلها. وفي أرض الآخرين وليس في أرضها.

 

والصحيح أيضاً، أن هذا التكتيك لم يكن يغطي أبوّة إيران عن أعمال «أبنائها» من غير الإيرانيين وإنما كان يترك لطرفَي الواقعة (المرتكب والضحية) هامشاً للعودة من مسار القطع التام والوصول بالتالي إلى صدام حارٍ على مستوى الدول وليس الأدوات!

 

وهذا نوع من التواطؤ القسري الذي استفادت منه إيران وما عادت ترعوي ولا تهدأ ولا تتواضع.. سوى أنه تواطؤ استند إلى قاعدة الرهان (من قبل الآخرين) على النّفَس الطويل في مقاربة الشأن الإيراني في جملته، والدفع باتجاه انتصار منطق «الدولة» على منطق «الثورة»! ومنطق المصالح المتبادلة والمتشاطئة، بالنسبة إلى دول الخليج العربي، على منطق الصِدام المكلف للجميع!

 

الأصح راهناً الافتراض بأن هذه اللعبة التي كانت مكشوفة.. زادت انكشافاً لكنها لم تعد «مقبولة»! بمعنى أن مسؤوليتها سابقاً عن ارتكابات أتباعها كانت واضحة ومنشافة لكن التبعات السلبية لها لم تكن توازي ذلك الوضوح! بل المفارقة هي أن طهران راكمت مردوداً إيجابياً (في عُرفها) من الممارسات السلبية لأتباعها وأدواتها! وأكثر ما تجلّى ذلك في مرحلة السيّئ الذكر (دائماً وأبداً) باراك أوباما وسعيه الانتهازي للوصول إلى «الاتفاق النووي» في مقابل جوائز ترضية على حساب العرب والأكثرية الإسلامية!

 

ما يقوله الأميركيون وغيرهم اليوم، هو أنّ تلك المرحلة انتهت. والأدوات الفرعية لا تحجب الآلة المحرّكة المركزية.. ومحاولة الجنرال سليماني استئناف «المنازلة» بالواسطة دونها «القرار» الصادر بالمواجهة المباشرة مع طهران نفسها، بالعقوبات والحصار السياسي والاقتصادي، وبما هو أبعد من ذلك إذا اقتضى الحال الميداني.

 

بهذا المعنى، يمكن الظن بأن الاعتداء «الحوثي» على القافلة السعودية، والاستمرار في رمي الصواريخ على أراضي المملكة، والتشاوف المَرَضي بادّعاء «قصف» مطار أبو ظبي.. ذلك وغيره يُوضع في خانة إيران مباشرة، مسؤولية وتداعيات، حتى لو «عرض» الجنرال سليماني شيئاً آخر، أو حاول ذلك في كل حال.. والله أعلم!

 

علي نون