IMLebanon

في بعض التوافه..

 

غائبة عن السمع قوى «الممانعة» الإيرانية. ولا يُرصَدُ لها حسٌّ أو همسة إزاء مستجدات الوضع السوري لجهة البُعد الإسرائيلي فيه: لا إزاء الإعلان المكشوف عن مدى الاطمئنان في تل أبيب لـِ«انتصار» بشار الأسد، وانعكاسات ذلك على دوام الاستقرار الجليدي في الجولان «المحتل»! ولا إزاء الكشف الروسي عن إذعان إيران لمطالب «العدو الصهيوني الغاشم» بالانسحاب إلى عمق نحو ثمانين كيلومتراً بعيداً عن الحدود!

 

وربما يعود الغياب إلى أسباب «كبرى» من نوع الركّ على الخاصرة اللبنانية لترخيتها أكثر فأكثر.. ثم السعي إلى إعادة إحياء العظام الرّميم! والعودة إلى تهبيط الحيطان فوق رؤوس السياديين والاستقلاليين اللبنانيين لكن ليس من باب اتهامهم بالتماهي مع «مخططات الأميركيين والصهاينة» للتآمر على «المقاومة» ومحورها «الممانع» طالما أنّ إسرائيل لا تترك مجالاً لتغييب حبورها وانشراحها وارتياحها بـ«الانتصارات الأسدية»، وإنما من باب إلقاء تبعات التأزيم الحكومي على السعودية وتماهي هؤلاء السياديين مع مطالبها ورغباتها!

 

ولذلك لا تجد الجماعة الممانعة وقتاً كافياً للاهتمام بمعطى «تافه» من نوع انتهاء «المؤامرة الصهيونية – الأميركية – الكونية» على نظام الأسد إلى خلاصة هي ارتياح إسرائيل إلى أمن حدودها! وضمان «تأجيل» فتح القدس وتحريرها، إلى أجل غير مسمّى! وتأكيد المؤكد لجهة أولوية إتمام الفتك بالأكثرية السورية والعربية والإسلامية على ما عداها!

 

أي أن تدمير سوريا بحجّة المحافظة على «دورها» المحوري في «المقاومة» و«الممانعة»، صبّ مباشرة في خانة الإنجازات الاستراتيجية لإسرائيل والولايات المتحدة! وزاد على ذلك: أن الروس حضروا لضمان ذلك كله! وأن الإيرانيين صاروا مشغولين بكيفية عدم خسارة كل شيء! والاكتفاء بفتات الحضور الذي يتركه لهم الروس! وأن الوظيفة الأولى، في لحظة الفرز، للتركيبة الحزبية العائلية، الفئوية التي كلّفت المحافظة عليها ما كلّفت، هي ضمان «حدود إسرائيل» مع سوريا! وليس إعداد العدّة «لمحوها من الوجود»!

 

ثم لا تجد تلك الجماعة «الممانعة» «المقاومة» «المجالدة» «المناضلة»، وقتاً كافياً أيضاً للاهتمام بأمر آخر «تافه» بدوره هو أن إيران تنصاع وتذعن وترتخي أمام مطالب مقتضيات حفظ «أمن إسرائيل» في سوريا، لكنها لا تعرف كيف تجد سبيلاً لأي تفاهم ممكن مع الجوار الخليجي العربي، ولو من باب المصالح المتبادلة! بل تستمر في اعتماد المقاربة الكارثية ذاتها التي ارتدّت عليها أزمات لها أوّل وليس لها آخر، ولا يعرف سوى ربّ العالمين أبعاد «الحكمة» التي ولّدتها وتسبّبت بها!

 

.. لا تجد تلك الجماعة وقتاً لكل تلك «التوافه».. باعتبار أن شغلها الشاغل هو العمل بجدّ وجهد ودأب وإصرار وعناد، على تثقيف اللبنانيين وتوعيتهم لحجم خسارتهم المتأتيّة عن عدم إعادة وصل ما انقطع مع بشار الأسد بصفته المثلى مرجعاً يُعتدّ به في كيفية حفظ الأوطان والكرامات والسيادات والمصالح الوطنية العليا!