تناول “الموقف هذا النهار” في الأسابيع القليلة الماضية التدخل العسكري المباشر لروسيا في الحرب السورية الأهلية – المذهبية – الإرهابية. وأشار إلى أن ذلك ما كان ليحصل على الأقل في سرعة وعلى النحو الذي رآه العالم لو لم يتلقَّ الرئيس فلاديمير بوتين تقارير استخباراتية روسية وسورية تفيد أن الجيش السوري لا يزال قادراً على الاستمرار في المعركة رغم الخسائر التي مني بها على مدى قرابة خمسة أعوام، وأن الميليشيات المحلية والعربية والإسلامية غير العربية فضلاً عن الخبراء العسكريين الإيرانيين تساعده في الصمود. لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن بوتين اكتشف بعد نزول قواته على الأرض السورية أن حال المقاتلين السوريين لا تسرّ كثيراً. طبعاً لم يعلّق أحد على هذا الأمر، لكن متابعين جديين لما يجري في سوريا وحولها ومن أجلها أكدوا في لقاء معهم قبل مدة قصيرة أن الإشارتين المذكورتين لم تكونا بعيدتين من الصحة. ثم تناولوا الاجتماع الأخير الذي عُقد بين بوتين والرئيس بشار الأسد فقالوا: “إن الأول التزم مساعدة الثاني للبقاء أي لتلافي السقوط أو الانهيار وكان ذلك احتمالاً واقعياً. والتزم أيضاً أن يكون (أي الأسد) جزءاً أو بالأحرى شريكاً في أي تسوية سياسية للوضع في سوريا”. علّقت بالآتي: تفيد معلومة تلقيتها من ديبلوماسي غير غربي مهم حصل عليها من عاصمة بلاده أن بوتين أبلغ إلى الأسد في الاجتماع المذكور أن تخليه عن السلطة احتمال يجب أن يضعه في حسابه. وتفيد أيضاً أن الأسد غضب من هذا التلميح وعبّر عن غضبه صراحة. وأضفتُ: تفيد معلومات غربية حصلت عليها أن الرئيس الروسي دعا نظيره السوري إلى اجتماع عاجل في بلاده، وطلب منه أن لا يصطحب معه وفداً حكومياً أو استشارياً ولا مترجماً لأن مترجمه الروسي سيقوم بالمهمة. وتفيد أيضاً أنه وعده بالمساعدة للبقاء. لكنه طلب منه أن يضع في حسابه احتمال تنحّيه عن السلطة بعد التوصّل إلى تسوية سياسية يحاول أن يطبخها مع أميركا والمجتمع الدولي والجهات الاقليمية العربية وغير العربية المعنيّة.
علّق المتابعون الجديون أنفسهم: كان هناك خوف فعلاً من سقوط الرئيس الأسد ونظامه. ولمنع ذلك وضعت روسيا والجمهورية الإسلامية الإيرانية خططاً للمحافظة عليه ونفّذتها. اتُّفق بينهما على تدخّل عسكري ترسل بموجبه روسيا طيراناً حربياً ووسائط دفاع جوي وأجهزة صاروخية وقطعاً بحرية وعدداً غير كبير من الجنود للدفاع عن القاعدة الروسية في طرطوس. ثم راحت تزيد أعداد هؤلاء فصاروا ثلاثة آلاف أو أربعة. وقد يزيد هذا العدد أكثر تبعاً للحاجة. هذا الأمر حصل بعد اكتشاف روسيا ان الجيش السوري ليس في حال جيّدة.
ماذا عن إيران؟ ماذا قدّمت؟ سألت. أجاب المتابعون الجديون أنفسهم: التزمت أمام روسيا إرسال خبراء وعسكريين وجنود مشاة إلى سوريا لكي يتولوا مع جيشها النظامي وميليشياتها و”حزب الله” اللبناني والميليشيا العربية وغير العربية الأخرى، الدفاع عن مناطق النظام، وإزالة التهديدات الجغرافية أو بالأحرى الخروقات التي تعرّضت لها، وربما لاحقاً لتحقيق مكاسب واسعة إذا سمحت الظروف بذلك. وعنى هذا الأمر تقسيماً للعمل بين موسكو وطهران. فالمهمة الأساسية الأولى هي الدفاع من الجو وللثانية وحلفائها العمل على الأرض. علماً أن إيران أعربت عن استعدادها لزيادة عدد المشاة من جنودها في سوريا إذا دعت الحاجة إلى ذلك. وهم الآن حوالى 2000 عنصر. وطبعاً فإن التسمية التي تطلق عليهم هي: مستشارون عسكريون. علّقت: سمعت من جهة جدية وغير معادية لإيران أن المسؤولين فيها لم يكونوا منشرحين للتدخّل العسكري المباشر الذي قامت به روسيا في سوريا. والأسباب كثيرة. منها أن موسكو ستصبح شريكة إيران في القرارات المتعلّقة بسوريا بل حتى التي يتخذها النظام السوري. علماً أنها كانت أصبحت الشريك الوحيد للأسد وربما صاحبة الكلمة الأكثر نفاذاً عنده وفي بلاده. وروسيا لم تعد عظمى مثل أميركا، لكنها لا تزال دولة كبرى مع “عظمة” معينة ورثتها من الاتحاد السوفياتي الذي انهار قبل نحو ربع قرن. ردّ المتابعون الجديون أنفسهم: ما تقوله صحيح. لم تكن إيران منشرحة للتدخّل الروسي. لكن ليس هناك خلاف بينها وبين روسيا. وعلى العكس من ذلك فإن التدخّل حصل بعد تخطيط مشترك له بين الدولتين وبعد تحديد دور كل منهما واتفاقهما مستمر، وهما متشاوران في كل الأمور.
ماذا كانت الخطة العسكرية لموسكو وطهران؟