IMLebanon

في «الانتصارات المتراكمة»

إذا كانت مشاركة «حزب الله» في نكبة السوريين استندت إلى مسوّغات كثيرة اختصرتها إرادة «المرشد» الإيراني التي لا تُردّ، في ضوء التكسير الذي لحق بنظام بشار الاسد.. وإذا كانت المشاركة في نكبة العراقيين التي سبقتها، استندت بدورها إلى أشياء كثيرة اختصرتها أيضاً إرادة «المرشد» ذاته في ضوء انهيار دولة «البعث» وسقوط صدام حسين وتبلور امكانية الإحياء المذهبي الممهّد لمدّ النفوذ الإيراني تحت شمّاعة «المقاومة» إياها..

.. وإذا كان التدخّل الأقل شأناً في اليمن، وإن على مستوى الخطر ذاته، اندرج ويندرج تحت ظلال المقاييس ذاتها في ضوء تشلّع سلطة علي عبدالله صالح وتبخّر الدولة المركزية وانتفاخ المُعطى الحوثي إلى حدّ استخدامه غطاء لتنفيذ انقلاب إيراني.. فما الذي استجدّ في لبنان، حتى يلوّح زعيم «حزب الله» باعتماد المقاييس القتالية ذاتها فيه واستدراج الأدوات الإيرانية المعتمدة في الدول المنكوبة الثلاث، إليه؟

لا الدولة اللبنانية انهارت، ولا هي قريبة من ذلك الانهيار. ولا شيء، مبدئياً، يشي أو يؤشّر أو يدلّ على انفجار داخلي نكبوي «يسمح» للإيرانيين بتعزيز نفوذهم التثويري والتنويري! ويستدعي منهم التحشيد المذهبي المتعدّد الهويّات على غرار ما يفعلونه في سوريا والعراق واليمن! وعدا عن ذلك، فإن «المقاومة» على ما تضخّ الماكينة التعبوية على مدار الساعات والأيام والليالي من دون أي كلل أو ملل أو تراخٍ أو فسحة عيد.. تبدو في أحسن أيامها! وتراكم «الانتصار» تلو «الانتصار»! و«قادرة على تغيير وجه المنطقة» ومستعدة لخوض «أكثر من حرب» في الوقت ذاته؛ تماماً مثل الجيوش النظامية العُظمى! وتواكبها على الجانب الآخر «اعترافات» إسرائيلية تتناسل باطّراد وصعوداً، بأن «حزب الله» حوَّل لبنان إلى قاعدة صواريخ إيرانية، لا تنزل أرقامها تحت سقف المئة ألف! (ما يذكِّر كثيرين، بالمناسبة، بالحملة الإعلامية الغربية التي سبقت تحرير الكويت في العام واحد وتسعين من القرن الماضي، والتي جعلت من جيش صدام المنهك والبدائي بمقاييس العلم العسكري الحديث، ثالث أو رابع أقوى جيش في العالم)!

فما هي القصّة إذن؟!

في محنة الخلاصة والجواب، يبرز أمران: الأول أن «حزب الله» منهك بشرياً بالفعل بعد خسائره الفادحة في سوريا خصوصاً. ومنهك مادياً ومالياً في ضوء تداعيات تلك الخسائر والعقوبات الأميركية المفروضة والمتوقعة. والثاني أنه يأخذ على محمل الجدّ «قرار» إدارة الرئيس دونالد ترامب بتقليم أظفار إيران الممتدة خارج حدودها، ويرفع سقف الاستعداد للمواجهة بما يتناسب مع ذلك «القرار»: «في مقابل السعي لإخراجنا من اليمن والعراق وسوريا، وضربنا في لبنان، سنُحضِرْ طقوس اليمن والعراق وسوريا إلى لبنان»!

.. أمّا أن لبنان، بدولته وأهله، ليس في عُرف «حزب الله» سوى تفصيل مقارنة بمصالح دولة «الولي الفقيه» فهذا أمرٌ لا جديد فيه ولا مَن يحزنون! لكن أن يُصار إلى التلويح باستحضار الأفغان والباكستانيين «للدفاع عنه»، فهذا لعمري وضميري وشرفي، أبلغ دليل على مدى «عمق الانتصارات» التي حقّقها ويحقّقها الحزب على الطريق إلى «تغيير وجه المنطقة»، و«رمي الصهاينة في البحر»!.. شكراً!!