وصلت المنطقة الى حالة الاهتراء، بعد الإعصار الذي اجتاحها منذ العام ٢٠١١ والى يومنا هذا، وليس بعدها إلاّ المزيد من الشيء نفسه. وقد تآكلت القدرات العربية بالتدرج، ومن يملك الثروات الطائلة أنهكه الانفاق المتعاظم. ومن يتم تصنيفه في حالة الفقر، ازداد فقرا. والدول العربية القليلة التي نجت من العصف المباشر أو غير المباشر للاعصار، فانها تواجه ملفات داخلية معقدة، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. وما خسره العرب في هذه المجالات كافة بسبب الصراعات العسكرية والأمنية، لا يقاس بالخسارة الأضخم التي لحقت بهم على صعيد تضامنهم وتعاونهم القومي. وكل من يتوهّم انه قادر على الانتصار في حرب إلغاء الآخرين سيواجه في النهاية الاصطدام بالجدار في آخر الطريق المسدود!
***
تجاوز لبنان حتى الآن، الكثير من القطوعات الاقليمية والخارجية، وعلى الرغم من بؤس معاناته في مختلف مجالات الحياة، فانه يبقى على الأقل أفضل من غيره، ممن اختاروا التغيير عن طريق العنف والاجبار والقوة، واكتشفوا في النهاية – وبعضهم لم يكتشف حتى الآن! – انهم كانوا دمى تحركها خيوط لعبة الأمم الدولية، وتتلاعب بهم، وتدفع بهم الى حروب داخلية عبثية، والكل فيها خاسر! وتتجه المنطقة اليوم، بكثير من البطء والتلكؤ والتردّد نحو وضع نهاية للصراعات بتسويات متدرّجة ومعرّضة للتعثر في آن. ومن مصلحة لبنان واللبنانيين اليوم، أن يضبط قادتهم، أنفسهم وأعصابهم ونزعاتهم العنترية، بهدف تقطيع الوقت بالتي هي أحسن، والوصول الى مرحلة تحصين ذاتي، عبر الانتخابات النيابية العامة المقبلة، كخطوة أولى على الأقل!
***
ما نشهده اليوم في لبنان، بداية تشققات سياسية واقتصادية واجتماعية، تحتاج الى الكثير من وعي المسؤولين وارادتهم للربط والضبط حتى لا يفلت الملق، وبخاصة في مرحلة استعداد الجيش لخوض معركة كاسرة، ضد كواسر الارهاب الداعشي في الجرود!