Site icon IMLebanon

في أصول التعامل

 

واحدة من الدول الأساسية والمحورية في عالم اليوم التي لا يمكن أحد أن يدّعي الزور ويتّهمها بالتدخل في شؤون غيرها، هي المملكة العربية السعودية.

 

والمبدأ الماسّي هذا مستدام وليس جديداً ولا طارئاً. وهو أحد الأعمدة الحاملة لخيمة السياسة العامة للمملكة منذ نشأتها الحديثة مع المؤسس الراحل الملك عبد العزيز. ولا يزال متّبعاً ومعمولاً به إلى هذه الأيام. ولا يخال أحد أن ذلك الالتزام سيتغيّر مستقبلاً، أو ستضعف مرتبته وأولويّته وضرورته في جدول أعمال القيادة السعودية عموماً، والدوائر المعنية بسياستها الخارجية خصوصاً.

 

ولذلك تتعامل المملكة مع كل محاولة ناجحة أو فاشلة للتدخل في شؤونها الخاصة والسيادية، بحزم لا شكّ فيه. وبردّ فعل يوازي، وربما في بعض الأحيان يزيد، على الفعل التدخلي المضاد الذي يستهدفها.

 

وفي دنيا الأفراد والعلاقات بين البشر كما في دنيا الدول والعلاقات بينها، تستوي الفرضية وتجوز: مَن لا يعتدي ولا يفتري على الآخرين ولا يتجاوز الأصول والأعراف والتقاليد والقوانين، ومدوّنة الأخلاق في مبادئها وتفاصيلها، لا يتوقّع سوى معاملة بالمثل، في أقل الاحتمالات، واحتراماً استثنائياً في أكثرها.. لكن في غياب الأمرَين يقع المحظور. بحيث يولّد النكران أولاً وتقصّد الافتراء ثانياً وخصوصاً لجهة التدخل في شأن قضائي سيادي داخلي ومن باب إعطاء «الأوامر» في كيفية التصرف ثم إلقاء «المحاضرات» في أصول الحكم.. يولّد ذلك ردّ فعل لا يحتمل الميوعة ولا التردّد عدا عن اشتماله على مرارة كبيرة جرّاء مقابلة الإيجابية بالسلبية.

 

والواضح أنّ المملكة تقارب القضية الكندية من باب المبدأ قبل التفاصيل. وتوجّه رسالة واضحة إلى كلّ من يهمّه الأمر بأنها لن تتسامح ولن تتراخى إزاء أي تدخّل في أيّ شأن وطني سيادي يخصّها ويعنيها وحدها. ولا تتوقع من الأصدقاء والحلفاء ومن القريب والبعيد سوى المعاملة الندّية القائمة على الاحترام المتبادل. وحفظ الأصول و«الكرامات السيادية»، والانتباه التام إلى خصوصية كل دولة.

 

لا توجد حالة عدائية أو تراكمات سلبية في العلاقات السعودية – الكندية بل العكس هو الصحيح. ولذلك كان أمراً مفاجئاً أن تدخل الحكومة الكندية على شأن سيادي سعودي تام بهذه الطريقة الاستفزازية وغير اللائقة، وأن تعتمد لغة فوقية غريبة، في وقت تخطو المملكة خطوات كبيرة باتجاه انفتاحي متعدد الأبعاد والعناوين ومن ضمن ذلك ما يتّصل بالمرأة ومدوّنة حقوقها تحديداً.