تتجه الامور السياسية والامنية باتجاه التصعيد ان لجهة الفراغ الرئاسي العالق عند اكثرية الثلثين زائدا واحدا، او لجهة الوضع العام في عرسال وتحديدا في جرودها حيث يندفع حزب الله في حرب كسر عظم ضد تنظيم «النصرة» من غير حاجة الى القول ان الحزب في صدد تغيير توجهه العسكري التصعيدي في المنطقة، فيما هناك خوف من توجيه ضربة عسكرية ضد النصرة داخل بلدة عرسال، حيث الاكتظاظ هناك يشجع على القول ان ثمة مجزرة لا بد من حصولها جراء ذلك؟!
ان ابتعاد مجلس الوزراء عن الخوض في موضوع عرسال ناجم عن اتجاه بعض الوزراء الى تعليق انتمائهم الى الحكومة في حال صدرت اوامر للجيش بالوقوف على الحياد، مع علم من لم يعلم الى الان ان ما يخطط له حزب الله قد بلغ ذورة التحدي في جرود عرسال حيث تجري معارك في مختلف انواع الاسلحة الثقيلة، من غير ان يقدر الحزب على تسجيل نقاط تقدم، باستثناء ما يقال عن معارك كر وفر، طالما ان تنظيم «داعش» لا يزال على الحياد نسبيا، لكن احدا لا يضمن استمرار الوضع على ما هو عليه؟!
وفي الوقت الذي تقول معلومات مصادر مطلعة ان قوات حزب الله لم تقدر على كسر شوكة «النصرة» في المواجهة المباشرة، ترى اوساط اخرى، ان الحزب لن يتراجع طالما بقي على تفاهم استراتيجي مع الجيش العربي السوري الذي يوظف ثقله مقابل تسجيل ما يفهم منه ضرورة استخدام الطيران الحربي. وثمة من يجزم بان قوى 14 اذار ستقوم بزيارة دعم الى عرسال، لافهام الاهالي هناك انها لن تتخلى عنهم، لاسيما ان اللقاء الماروني – المسيحي في بكركي جاء ردا على الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وليس على مبادرة رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد المتقاعد ميشال عون، اضف الى ذلك ان قوى 8 اذار لم يفهم منها انها لا تريد بقاء الحكومة على رغم التباينات القائمة؟
وفي كلام لنائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم على ان التصويب على المقاومة يخدم المشروع الاسرائيلي، وتساءل في حال لم تقاوم «كيف سيكون حالنا في هذه المنطقة التي يخطط لها ان تقسم وتكون تحت الادارة الاسرائيلية المباشرة»، مشددا على اننا مصممون على الاستمرار والميدان العسكري ميدان الحسم، كما اعتبر الشيخ قاسم في كلمة له في مؤتمر الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة ان «النصر في القلمون لن يكون نصرا عاديا بل منعطف له ما بعده، وعطل اي امل بامارة النفاق والتكفير في هذه المنطقة على الحدود اللبنانية – السورية، وتحدث قاسم عن نجاحات موصوفة من غير ان يدخل في التفاصيل مؤكدا ان «الطريق قد فتح والتوفيق من الله تعالى لكسر حدة التحديات».
وما قاله نائب الامين العام لحزب الله سبق لوزراء ونواب الحزب ان قالوه، لاسيما بالنسبة الى ان «من الطبيعي ان يصاب بعض السياسيين في لبنان بالهلع لان مشروعهم ينهار»، واكد ان «المقاومة التي اخرجت اسرائيل من الجنوب سيخرجون التكفيريين من سوريا ولبنان واليمن والعراق وفلسطين»؟
من حق حزب الله تحديد النظرة الى التكفيريين، لكن ليس من حقه القول ان «لبنان يواجه الخطر التكفيري كجزء من مواجهته للمشروع الاسرائيلي» ومن غير حاجة لافهام خصومه ان الحزب مستعد لان يرمي نفسه في التهلكة نكاية بخصومه اللبنانيين والاسرائيليين، خصوصا عندما تقول قيادة حزب الله «اننا جاهزون اقصى درجات الاستعداد في مواجهة اي تحد اسرائيلي» من غير ان يكون الحزب في وارد محاربة العدو الذي يختصره بانه فريق النصرة التكفيري؟!
وتجدر الاشارة في هذا الصدد الى ان تصعيد حزب الله سيؤثر بطريقة او بأخرى على بقاء الحكومة، بما في ذلك استمرار الحوار القائم بينه وبين تيار المستقبل، كما كان اجماع على ان التصعيد في الكلام والمواقف من قبل حزب الله وبلوغه مرحلة التهديد قد يؤثر على جو الحوار لكنها لن تعطله الا في حال قصد الحزب ذلك، فضلا ان الحزب مطالب بتوضيحات لبعض مواقف قياداته قبل الحوار.
واللافت بالنسبة الى الشغور الرئاسي فان الحزب مصر على ان يعطي العماد عون ما يحتاجه من مواقف مؤيدة وتصرفات «على الحساب، على طريق المزايدة في الكلام ليس الا، وهذا يدخل في نطاق ما يرغب فيه عون قبل ان تتطور مقترحاته في اتجاهات لن تكون بعدها عودة الى الوراء، بحسب اجماع من يعرف ان لا مجال لابلاغ عون ان الورقة الاخيرة في يد المقاومة، من غير حاجة الى انتظار سقوط عرسال او استمرار قدرات التكفيريين في صمودهم حتى اشعار اخر؟!