Site icon IMLebanon

في الجماعة إيّاها!

مشكلة الجماعة الإيرانية – الأسدية في لبنان موجودة في كل مكان آخر إلاّ في لبنان حالياً. لكنها تسعى، وتحاول وتجهد جهدها لتأكيد إيثارها الخارج الذي ترتبط به حتى لو عنى ذلك ويعني وسيعني استيراد أزماته ومواجهاته ومعاركه وطواحينه الهوائية، على الداخل اللبناني الذي يعني وسيبقى يعني إلى أن يشاء الله غير ذلك، احتمالات انفراجات شاملة تفيد وتريح اللبنانيين عموماً، وتلجم شيئاً من أزماتهم «الوطنية» العامة، وتحفظ أسس التسوية القائمة!

وتكذب تلك الجماعة على حالها وناسها قبل أن تحاول استهبال اللبنانيين في جملتهم: ترى وتعرف أن رئيس سوريا السابق بشّار الأسد، هو عنوان «مشكلة» مع الداخل السوري كما مع الخارج العربي وغير العربي. وأن هذه «المشكلة» مُعلّقة على حبال التفاهمات أو الاتفاقات أو المساومات الأميركية – الروسية.. الإسرائيلية! وأن فترة السماح الراهنة.. هي بالحرف «راهنة» وعابرة وليست دائمة ولا نهائية! وأن المرحلة انتقالية وليست أخيرة! وأن التدرّج فيها هو الثابت الوحيد الظاهر للعيان، وأن ترتيب أوضاع الأرض وجغرافية القتال والمواجهات هو مقدّمة وتوطئة لا بدّ منها لترتيب «نهايات» كثيرة: للنكبة في ذاتها ولطرفين من ثلاثة فيها هما، بقايا الأسد – تحديداً. و«نفوذ» إيران.. بعد – استكمال ترويض «الفوضى» التي جُرَّت إليها الثورة وأركانها الوطنية. واستكمال ضرب الجماعات المصنّفة إرهابية، طالما أنّ هذه أدّت ما عليها. وخرّبت ما خرّبت وبرّرت ما لا يُبرّر. واستنفدت أو تكاد جلّ المطلوب منها من سوريا إلى عواصم أوروبا الغربية!

وتعرف الجماعة المذكورة، أن «مشكلة» الأسد وبقايا نظامه لا تُحلّ في لبنان ولا على حساب أهله واستقراره، ومصالحه والتزاماته العربية والدولية.. وأن المحاولة المستميتة لإعادة فتح كوّة لبنانية في جدار الطوق المضروب حوله لن تؤدي إلى تغيير المعادلة الأكبر من لبنان وسوريا وإيران! ولن تُعدّل في المسارات والحسابات الكبرى للمعنيين الكبار! لكنّها ستؤذي لبنان وتزيد على أزماته، واحدة أخرى، كان الظنّ السعيد أنّها لم تعُد واردة! ولا حارّة!

على مدى السنوات الماضية رسى المشهد السوري لبنانياً عند معادلة مُركّبة إحساسها «النأي» الرسمي والشرعي عن تلك النكبة في موازاة التفرّج من بعيد على الانخراط التام لـِ«حزب الله» وتوابعه فيها.. الحالة لا مثيل لها ربما إلا في العراق لكنها جزء من «حقائق» الوضع اللبناني، حيث جماعة مسلّحة ومأمورة من الخارج تتصرف بعيداً عن السلطة الشرعية! ومن دون أخذ مشاعر ومصالح وآراء عموم «المواطنين» الآخرين بالحسبان! عال، طالما أنّ ذلك أنتج «تعايشاً» فيه شيء من التوازن السلبي على قاعدة حفظ الاستقرار الداخلي بالتي هي أحسن! والحرص على عدم استيراد النار السورية إلى الداخل اللبناني..

.. الغريب، راهناً، أنّ الجماعة الإيرانية – الأسدية هذه لم تعُد على يقينها الوارد في توصيفها.. بل صار يمكن الادعاء بشيء من الخفر أنّ الأصح هو القول أنّ هناك «جماعة إيرانية» أساسية، و«جماعة أسدية» فرعية! وإن حسابات أصحاب الجماعتين بالمعنى التملّكي لم تعُد متطابقة تماماً! ولم تعُد يقينية ونهائية تبعاً للإشارات الآتية من عند بشار الأسد والدالّة في المبدأ والخلاصات على أنّه بين إيران من جهة والروس وحساباتهم الأميركية – الإسرائيلية إضافة إلى مصيره العابر في كل حال من جهة أخرى اختار ويختار الجانب الثاني وليس الإيراني!!

ومع ذلك، تريد تلك التركيبة أن تأخذ لبنان واللبنانيين مرّة أخرى على مراكب الوهم المدمّر، وأن تدّعي أنّها «انتصرت» في الشام في حين أن الالتباس ضارب إلى السماء! والمواجهة مفتوحة وستزداد شراسة و«انفتاحاً» في المرحلة المقبلة. تبعاً للموقف الأميركي والإسرائيلي (والروسي) من قصة «النفوذ» الإيراني! وتريد بعد ذلك، أن تُقنع الغاشين بما ليست هي مقتنعة به أصلاً لجهة الحديث التخريفي التام والحرفي عن «مرحلة إعادة الإعمار»! و«شروط» توزيع الحصص فيها! مع أن الغرّ يعرف أن دولاراً واحداً لن يُدفع في سوريا طالما أنّ «المرحلة الانتقالية» لم تنتهِ، بما يعنيه ذلك من انتهاء الحالة الأسدية تماماً!

تعرف تلك الجماعة التي تكثر من اللغو التخريفي في هذه الأيام، أن «المشكلة» مفتوحة مع الإسرائيليين والأميركيين والروس وليست مع الرئيس الحريري ولا مع الفريق السيادي اللبناني! لكنها برغم ذلك تمعن في تأكيد حقيقة أنّها في عالم آخر لا علاقة له بلبنان ومصالحه العليا والسفلى ولا بمصالح أهله ولا بأوجاعهم وآلامهم وأزماتهم! وأيّ جماعة!